لا يكفي لكي نعرف ما النقد أن نقف عند معنى اللفظ وحده، وهو لفظ "النقد"؛ ذلك أن تحديد معنى اللفظ -فضلا عن أنه محير- يضطرنا في أغلب الأحوال إلى دراسات تاريخية نعاصر فيها حياة هذا اللفظ منذ أن استخدم، ونقف فيها على الدلالات المختلفة التي كانت له في كل حالة. وليس سبيلنا في هذا المكان تقصي ذلك التاريخ، ولكن يمكن الكلام بصفة عامة عن النقد بمعنى أنه "الحكم" الأدبي؛ ومن ثم ينظر إلى الناقد -أولا وقبل كل شيء- بوصفه خبيرًا له قدرة خاصة، ودراية بالحكم على قطعة أدبية، أو على عمل مؤلف معين، فيفحص مزاياه وعيوبه، ويصدر حكمًا عليه. ومع ذلك فنحن حينما نتكلم عن فن النقد ندخل في اللفظ أكثر من الفن الذي يسجل الحكم، فتحت هذا اللفظ نفهم مجموع الأدب الذي كتب عن الأدب، سواء كان تحليلا، أو تفسيرا، أو تقويما، أو كل هذه الأشياء مجتمعة، فالشعر والمسرحية والقصة تتناول الحياة تناولا مباشرا، ويتناول النقد الشعر والمسرحية والقصة، وقد يتناول النقدُ النقدَ ذاته. فإذا أمكن تعريف الأدب بأنه تفسير للحياة في صور أدبية مختلفة فإن النقد يمكن أن يعرف بأنه تفسير للتفسير، أي: الصورة الفنية التي خرج فيها الأدب١.
١ Hudson: An Introduction the Study of Literature. p. ٣٤٩.