إن الألفاظ ملك لجميع الناس، وهي تستخدم في كل فن من الفنون الأدبية، ولكن كل فن -كما سبق أن قلنا- يستخدمها بطريقته الخاصة، فاللغة في الشعر الناجح تبدو "تركيبية"، في حين أنها في النثر "تحليلية"؛ ذلك أن "التركيب" عملية يقتضيها العمل الشعري، في حين أن التحليل تقتضيه الكتابة النثرية. ولماذا يقتضي الشعر التركيب, والنثر التحليل؟ إذا نحن رجعنا إلى الفكرة الأولية التي بدأنا بها هذا الفصل عرفنا السبب, فقد قلنا: إن الشعر انفعال والنثر تفكير، وطبيعة الانفعال أنه -بحسب تجربتي على الأقل- ينتقل جملة، ولا يثبت للتحليل إلا في يدي الدارس، أما التفكير المنطقي المنظم فالتحليل ضروري له. وهنا نستطيع بسهولة أن نستخدم تعبيرين آخرين عن نفس الفكرة, هما: أن التجربة الشعرية -من حيث هي وحدة- لا تتكون في النفس