للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخيرًا، هناك مجموعة من الدارسين تحاول شرح الأدب في ضوء نظرية "روح العصر١ Zeitgeist".

ويبدو أن الرجوع بالأدب إلى أن يكون أثرًا لسبب واحد من هذه الأسباب أو غيرها خطأ ظاهر.

وقد قامت نظرية "تين٢ Taine" في تفسير الأدب على اعتبار:

١- الجنس.

٢- البيئة.

٣- العصر.

أما الجنس فلم تكن دراسة "تين" له دراسة حاسمة، أما العصر فقد دخل في مفهوم البيئة, ويبقى تأثر الأدب بالبيئة. ومن الممكن أن يرتبط الأدب بالأوضاع الاقتصادية المادية، والسياسية, والاجتماعية، ولكن بطريق غير مباشر. وطبيعي أن هناك علاقات بين كل ألوان النشاط البشري, فمثلا نستطيع أن نجد علاقة بين طرق الإنتاج والأدب، من حيث إن النظام الاقتصادي له من القوة ما يتحكم به في أساليب حياة الأسرة، وتقوم الأسرة بدور مهم في الثقافة، في معاني الجنس وفي الحب، وفي كل الأمور العادية والتقليدية في المشاعر الإنسانية٣.

ولكن هل حقا تؤثر الفلسفة مثلا، أو النظريات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية, هل حقا تؤثر في توجيه الأدب توجيهًا خاصًّا؟ وأين إذن تكون نقطة البداية؟ من أين تنطلق الشرارة الأولى؟ هل تبدأ السياسة فتؤثر في هذه المظاهر الحضارية الأخرى لأمة من الأمم، أم تكون تلك البداية للنظريات الاجتماعية؟ ولماذا -في هذه الحالة- لا نقول: إن الأدب قد يكون هو الموجه الأول الذي يؤثر في اتجاه ألوان النشاط الأخرى؟

من الممكن أن يحاول كاتب من الكتاب أن يبين كيف أن فلسفة معينة لعلم من أعلام الفلسفة قد أثرت في اتجاه الحياة الأدبية في عصر من العصور. وكل ما يمكن أن يقال عن هذا التفاعل بين الفلسفة والأدب يمكن -كذلك- أن يقال عن التفاعل بين


١ انظر Wellek & Warren: كتابهما السابق ص٦٥, ٦٦.
٢ هيبوليت أدولف تين Hippolyte Adolphe Taine "١٨٢٨-١٨٩٣ م": ناقد فرنسي، حاول أن يطبق المنهج العلمي في النقد الأدبي.
٣ انظر المرجع السابق ص١٠٧.

<<  <   >  >>