وسبب نشوئه: تفرق الأمة فرقًا شتى، كمل عدها ثلاثا وسبعين فرقة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"افترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناحية, وثنتين وسبعين في النار".
إلا ما خرج عن الملة فلا يعد منها، فما زاد عن الثلاث والسبعين لا يطعن صحة الحديث المتقدم, ولا يصح في العقل والشرع اعتبارها منها؛ فإنه لا ينطبق عليها اسم الملة، وعدها منها حمق وشطط، فالفرق الرئيسة خمسة, وعن كل ظهرت فرق أخرى بانقسامها على نفسها, ويمكن العود إلى كتب الملل والفرق, لمعرفتها بالتفاصيل، أما الفرق الرئيسة فهي أهل السنة، والشيعة، والخوارج، والمرجئة، والقدرية، أما المعتزلة فليست فرقة مستقلة على الصحيح، بل تقاسم الاعتزال أكثر الفرق عدا السنة.
أما قبل ظهور علم الكلام, فما كان للمسلمين سوى السنة، ويتناقلها الناس حتى بدأ ظهور الفرق المختلفة، وذلك بتعريب الكتب الفلسفية، اليونانية، والهندية، والفارسية، نعم قبل هذا كانت فرق منشؤها ظروف سياسية لا عقائدية بحتة, فضلًا عن مؤامرة اليهود, وعملهم على إشعال فتنة مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه, والتي كانت بداية اختلاف الأمة.
فقام أهل الحديث يدفعون عن عقائدهم المروية بالاسانيد إلى النبي صلي الله عليه وسلم، ويناضلون في سبيل إظهار الحق كما عرفوه، وإظهار شين بدعة
١ رواه ابن بطة في: الإبانة: صـ ٨، وروى نحوه ابن ماجه: ١٣٢٢/١، وأبو داود: ٢٥٩/٢، والترمذي: ٢٦،٢٥/٥، والدرامي: ٢٤١/١، وابن حبان ذكره في: موارد الظمآن: صـ ٤٥٤، والإمام أحمد في: المسند: ٣٣٢/٢، ١٤٥،١٢٠/٣، ١٠٢/٤، وأبو يعلى والطبراني في: الأوسط والكبير, كما ذكر في: مجمع الزوائد: ٢٥٨/٧ بأسانيد تتراوح بين الصحة والحسن والضعف.