درس أولًا بعد عودته من دمشق, وحتى توجهه للحج من سنة /١٠٣٢- ١٠٣٦هـ/ ثم بعد الحج, وفى سنة / ١٠٤١ هـ/، تصدر للإقراء في الجامع الأموي، على وقتين: بكرة النهار، وبين العشاءين، قرأ في دروسه: الجامع الصغير في الحديث, مرتين، وتفسير الجلالين, مرتين، وقرأ صحيح البخاري, بتمامه، وصحيح مسلم، والشفا, للقاضي عياض، والمواهب، والترغيب والترهيب, للمنذري، والتذكرة, للقرطبي، وشرح البرأة، والمنفرجة، والشمائل، والإحياء، جميع ذلك كاملًا بطرفيه، وكان موضع درسه بمحراب الحنابلة أولًا، ثم اتقل إلى محراب الشافعية، لسبب لم يفصح عنه، ويمكن أن تكون كثرة الحاضرين، وضيق المكان عن احتوائهم سببًا لانتقاله لمحراب الشافعية، فالمكان هناك أوسع بكثير مما يلي محراب الحنابلة.
وهذه الدروس لابد أنها عامة، لا لخاصَّة تلاميذه الذين أخذوا عنه الفقه، فليس بينها درس في المذهب، والغالب على هذه الدروس علم الحديث، العلم الذي برع فيه, وأسند كتبه لمن بعده، والمسند إنما يسند كتب عمل الحديث في المقام الأول، أما ما وراء ذلك من مصنفات, فإنه يسندها في الجملة؛ حفاظًا على سلسلة اتصال الناس بأئمتهم، وإثبات الصواب وقبوله، ونفي الخطأ والكذب.
أما البراعة بعلم الحديث, فهي ظاهرة مميزة للحنابلة، فقلما تجد حنبليًا قليل البضاعة بعلم الحديث.