للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد كان في بنيان، كما في رواية ابن خزيمة (محجوباً بلبن) (١) وروى الحكيم الترمذي وقال الحافظ إسناده صحيح: أنه كان في كنيف، وهذا هو المعهود عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإنه كان يستتر غاية الإستتار، فكان ما وقع من رواية ابن عمر كان ذلك في بنيان.

ـ وقد ثبت عند الخمسة إلا النسائي بإسناد جيد، وهو من حديث محمد بن إسحاق وهو مدلس لكنه صرح بالتحديث في بعض روايات هذا الحديث، عن جابر قال: (نهانا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستقبل القبلة أو نستدبرها بفروجنا إذا نحن أهرقنا الماء ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة) (٢) ، والحديث اسناده جيد، وقد حسنه الترمذي، وصححه البخاري وابن خزيمة والحاكم وابن السكن فالحديث حسن وهو حجة.

قالوا: فهذان الحديثان يدلان على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قضى حاجته مستقبل القبلة ومستدبرها وذلك إنما كان في البنيان.

ـ وقد روى مروان بن الأصفر عن ابن عمر: (أنه أناخ راحلته قِبَل الكعبة فجعل يبول، فقيل له: أليس قد نُهِيَ عن ذلك؟ فقال: إنما نهي عن ذلك إذا كنت في فضاء أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء فلا بأس) (٣) رواه أبو داود.

فهذه أدلة الجمهور في أن قضاء الحاجة قِبَل القبلة أو استدبارها محرم في غير البنيان أي في الفضاء، أما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة شيء ساتر كراحلة أو مركبة، فإنه لا حرج في ذلك ولا بأس، وهذا هو إختيار الإمام البخاري كما في صحيحه.

ـ وعن الإمام أحمد رواية أخرى ـ وذهب إليها بعض الفقهاء أن ذلك جائز مطلقاً في البنيان وغير البنيان.

ودليل ذلك حديث ابن عمر وأنه يدل على النسخ.

لكن هذا القول قول ضعيف؛ لأن القول بالنسخ صعب فلا يقال بالنسخ إلا مع عدم إمكان الجمع.