للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن كان على القول الصحيح أن احتمال الخصوصية هنا ضعيف؛ لأن الأصل عدمها وكذلك النسيان فإن الأصل عدمه، هذا في معارضة الفعل القول، فإنه: يجب الجمع بين أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقواله ـ هذا في الأصل ـ أما هنا ـ في هذه المسألة ـ فإن أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـالتي تقدم ذكرها قد حدثت منه في غير محل التشريع وليست أفعالاً ظاهرة أمام أصحابه وإنما فعلها في محل لا يظن أنه يرى فيه، فهو ليس محل تشريع والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجوز عليه النسيان في غير الشريعة وكذلك يجوز عليه الخطأ في غير الشريعة.

فهو إنما يقضي حاجته مختفياً عن الناس حتى لا يراه أحد وكون هديه الصحابيين أطلعا عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن ذلك في غير محل التشريع، بخلاف الفعل الذي يكون ظاهراً، وقد قال تعالى: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) (١) .

أما هذا الفعل فليس في محل التشريع لعدم ظهوره، ولما عرف من حاله من قضائه حاجته في غاية الإستتار والبعد عن الناس.

ـ ويدل على صحة هذا القول وأن هذه أفعال من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غير محل التشريع وأنها قد حدثت منه نسياناً، أن الفارق بين البنيان وغيره ـ في هذه المسألة ـ غير معتبر ذلك لأن النهي إنما هو لإكرام القبلة، ومعلوم أن الرجل عندما يقضي حاجته في فضاء، فإن بينه وبين القبلة جبالاً وأشجاراً وغيرها مما تكون حائلة بينه وبين القبلة، وكونه يقضي حاجته مستقبلاً القبلة في البنيان لا فرق ـ في الحقيقة ـ بين ذلك وبين قضائه في الفضاء الواسع، ولكن بينه وبين القبلة ولابد حوائل تمنع عيانه للكعبة.