للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن التكبير في الحقيقة لا يمنع من التلبية، فإن التلبية مشروعة على الإطلاق، وكونه يكبر بعد الصلوات المكتوبة هذا لا يشغله عن التلبية المشروعة، فإن التلبية ليست مشروعة في كل لحظة من لحظاته.

وهنا قال: " في جماعة ": فإذا صلى الصلاة المكتوبة في جماعة كبر، فإن صلاها منفرداً لم يكبر.

فالتكبير يشرع عقب الصلاة المكتوبة، لأن الصحابة كانوا يكبرون بعد صلاة الفجر، فكان التكبير مختصاً بالصلوات المكتوبة.

قالوا: ويكون ذلك في جماعة – خلافاً لمذهب مالك – فإن صلى المكتوبة منفرداً فإنه لا يكبر.

واستدلوا: بأثر رواه ابن المنذر واحتج به أحمد ولم أقف على سنده: أن ابن مسعود قال: (إنما التكبير على من كان في جماعة) ، قالوا: ولا يعلم له مخالف من الصحابة.

وهذا قوي في النظر، من باب أن التكبير إنما يشرع الجهر به وإظهاره وذلك إنما يكون بعد الصلوات التي يجتمع عليها الناس فيجتهدون في رفع أصواتهم وتظهر هذه الشعيرة من شعائر الله من التكبير.

وأيام التشريق يستحب فيها التكبير المطلق، فقد ثبت في البخاري معلقاً: " أن عمر كان يكبر في قبته بمنى فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون، ويكبر أهل السوق حتى ترتج منى "، " وكان ابن عمر يكبر تلك الأيام خلف الصلوات وعلى مجلسه في فسطاطه وممشاه، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز أيام التشريق) (١) ، وهي الأيام المعدودات التي قال الله فيها: {واذكروا الله في أيام معدودات} .

قال: (وإن نسيه قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد)

إن نسى التكبير المقيد وهو ما زال دبر الصلاة المكتوبة، فإنه يقضيه؛ لأن السنة لم يفت محلها.


(١) ذكره البخاري في باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة من كتاب العيدين قبل حديث (٩٧٠)