للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن: يجوز أن يستنجى بغير الحجارة، فليس الإستجمار خاصاً بالأحجار، فلوا استجمر بما يزيل الأذى عيناً أي جرماً وإن لم يزله أثراً كالأوراق في الجريد ونحوها فإنه يجوز ذلك، وظاهر المذهب أنه يجزئ، وهذا هو المشهور في مذهب الحنابلة، بل هو مذهب أكثر أهل العلم.

ـ وذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أنه لا يجزئ إلا الحجارة؛ لأن الشارع خصص الحكم بذلك فلم تجزئ غيرها.

والراجح هو مذهب جمهور أهل العلم؛ لأن هذا من باب القياس، بل الأدلة الشرعية فيها إشارة إلى جوازه، فمن ذلك ما ثبت في مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (نهى أن يستنجى برجيع أو عظم) (١) .

فإذا: استثنى ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن ذلك يدل على أن سواه جائز ولو لم يكن سوى الحجر جائزاً لما احتاج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن يستثنيه، ونحوه ما ثبت في سنن أبي داود أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (سئل عن الإستطابة ـ أي الاستنجاء، وسميت بذلك؛ لأنها تطيب البدن بإزالة الخبث عنه ـ فقال: بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع) (٢) .

فهنا استثنى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجيع، وذلك لأن غيره جائز.

فإذن: الراجح هو ما ذهب إليه أكثر العلماء وهو الذي يدل عليه المعنى، فإن الشريعة قد أتت بالقياس الصحيح من إلحاق الشيء بنظيره، فإذا ثبت في شيء من الأشياء ما ثبت في الحجر من إزالة النجاسة عيناً وجرماً فإنه يصح ذلك وهذا هو مذهب جمهور العلماء.