للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستدلوا بما روى الدارقطني، وقال: إسناده صحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: نهى عن الإستجمار بالرجيع أو العظم، وقال: (إنهما لا يطهران) (١) وأعله ابن عدي.

ـ وذهب شيخ الإسلام إلى ثبوت الإجزاء لهذا الفعل وإن كان الفعل محرماً؛ لأن الخبث قد زال، والمقصود من النجاسة إزالتها فبأي طريق زالت فإن حكمها يذهب والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فمادام أن النجاسة قد ذهبت وإن كان باستعمال ما يحرم عليه استعماله فإنه يجزئه ذلك وهذا قول قوي.

قال الزركشي: (وهذا جيد لولا حديث الدارقطني) .

والذي يظهر قول شيخ الإسلام.

وأما الحديث فإنه يحمل على الغالب في العظم والروث.

فالغالب فيهما أنهما لا يطهران، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك بناءاً على الغالب بينهما (هذا على التسليم بصحة إسناده) .

وأما إذا ثبت أنهما يطهران ويزيلان النجس فلا موجب لعدم الإجزاء.

فإذن: يحرم عليه ذلك لكنه يجزئه إن فعله على الإثم، أما إذا فعله ناسياً أو جاهلاً فإنه يرفع عنه الإثم مع ثبوت الأجزاء له.

وقوله: ((وطعام)) : وهذا من باب القياس، قالوا: فإذا كان طعام الجنّ ودوابهم يحرم الاستنجاء به، فأولى منه طعام الإنس، وطعام دوابهم فهو أولى منه بهذا الحكم.

وقوله: ((ومحترم)) : مثل كتب العلم، فإذا كان الشيء محترماً فلا يجوز الاستنجاء به، وهذا من تعظيم شعائر الله: ((ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)) (٢) والإستجمار بها إهانة لها، وهذه الإهانة محرمة، فلا يجوز إهانة ما يجب إحترامه.

وقوله: ((ومتصل بحيوان)) : قالوا: لو أن رجلا استنجى بصوف أو شيء من بدن حيوان، قالوا: فإن ذلك محرم، هذا هو المشهور في المذهب، وأن الإستجمار بشيء متصل بالحيوان محرم، وهذا هو مذهب الشافعية.

ـ وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس في ذلك.

ولم يتبين لي دليل على تحريم ذلك.