للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لكن الحديث ضعيف فيه الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف، على أن لفظة (سُنّة) لا تفيد الوجوب ولا تفيد الاستحباب بعينه، وإنما تدل على أن هذه طريقة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما نريد بالاستحباب بعينه ما ينافي الوجوب فلا شك أن الأمر الذي يحكم بأنه سنة محبوب إلى صاحب الشريعة لكن هل هو واجب أم مستحب ـ يستحب من دليل آخر ـ وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيحين: (فمن رغب عن سنتي فليس مني) (١) فالسُّنَّة هي الطريقة.

بخلاف السُّنَّة عند الأصوليين فإنها: ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام، وهي ما ترادف المستحب والمندوب.

والقول الأول أرجحها وهو وجوب الختان مطلقاً على الرجال والنساء.

وهو ميزة المسلمين عن النصاري، فإن النصارى لا يختتنون، بخلاف اليهود فإنهم يختتنون، فالختان يتميز به المسلم وهو من شعار المسلمين،كما في حديث البخاري في قول هرقل: "إني أجد ملك الختان قد ظهر) .

قوله: ((ما لم يخف على نفسه)) :

كأن يكون رجلاً كبيراً شيخاً هرماً، فدخل في الإسلام فحينئذ: لا يجب عليه الختان إذا خشي على نفسه التلف، لأن الواجب يسقط عند العجز.

وعند خوف التلف، وقد قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار) .

ـ فإن قيل: متى يكون الختان؟

فالجواب: أما وقت وجوبه فهو البلوغ، فلا يجوز له أن يبلغ إلا وقد اختتن.

يدل على ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس: أنه سئل، مثل من أنت حين قبض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: (أنا يومئذ مختون، وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك) (٢) أي حتى يناهز البلوغ.

فهذه سنة العرب، وهو أنهم لا يختنون حتى يدرك.

ـ فإن اختتن قبل ذلك فما الحكم؟.

الجواب: سئل الإمام أحمد عن ذلك فقال: (لا أدري لم أسمع فيه شيئاً) أي لم أسمع فيه سُنَّة صحيحه فحينئذ: يبقى على الأصل، فالأصل في الأشياء الحل ما لم يثبت دليل يمنع من ذلك.