للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يجزئ المنوب عنه حج النائب إن كان النائب لم يحج حجة الإسلام فيشترط في النائب أن يحج حجة الإسلام. ودليل ذلك: ما ثبت في سنن أبي داود وابن ماجه من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، فقال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) (١) وقد اختلف فيه رفعاً ووقفاً والراجح وقفه – فهذا الحديث دليل على هذه المسألة فلا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره.

فإن عجز عن الحج عن نفسه بسبب عدم القدرة المالية، لكنه قادر بنفسه فهل له أن يحج عن غيره أم لا؟

المشهور في المذهب أنه لا يجزئ ذلك المنوب عنه للحديث المتقدم.

وذهب الإمام أحمد في رواية عنه وهو قول سفيان الثوري: إلى أنه يجوز له ويجزئ عن المنوب عنه وهذا أرجح؛ فإن الأصل أن النائب يجزئ حجه عن المنوب عنه، وإنما لم تصح حجته حيث كان قادراً على الحج لأن حجه عن غيره مزاحم لحجه عن نفسه، فهو وإن صح عن غيره فاته حج نفسه والواجب عليه أن يحج عن نفسه. فهناك مزاحمة وأما هنا فليس ثمت مزاحمة فإنه ليس بقادر على الحج، فإن لم يحج عن غيره فإنه لا يحج.

والحديث المتقدم فيه قرينة تدل على أن ذلك الرجل قادر على الحج عن نفسه وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حج عن نفسك) ولا يوجه هذا الخطاب إلا للقادر على الحج، وثمت قرينة أخرى وهي قوله: (أخ لي أو قريب) والغالب فيمن يحج عن قريبه ألا يكون ذلك من مال القريب أو الأخ وإنما يكون ذلك بتبرع محض منه بالمال والبدن جميعاً.

فالراجح: أن من حج عن غيره – وهو غير قادر على الحج عن نفسه – فإن ذلك يجزئ عن المنوب عنه.

* فإن حج عن غيره مع قدرته على الحج عن نفسه، فهل يصح الحج لأحد منهما أم يبطل لهما جميعاً؟

ثلاثة أقوال:


(١) رواه أبو داود [١٨١١] وابن ماجه [٢٩٠٣] وغيرهما، الإرواء [٩٩٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>