للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حج من أهل مكة سواء كان مقيماً أو غير مقيم – وهذا باتفاق العلماء – وقد يقال أن مثل هذه المسألة تدل على ضعف ما ذهب إليه الإمام مالك فإنه باتفاق العلماء لمن كان من أهل المدينة وقد مر على ميقات أهل الشام مقبلاً من جهة الشام أنه يحرم منه ولو قلنا بأن هذا الميقات خاص بأهل الشام وهذا خاص بأهل المدينة لم نقل بجوازه، فتبين أن المراد من مر به سواء كان من أهل تلك الجهة مقيماً بها أو كان ماراً غير مقيم. فهنا من كان في مكة مقيماً أو لم يكن مقيماً باتفاق العلماء

لمن صادفه الحج وهو في مكة، أو نوى العمرة وهو في مكة فإنه يهل من مكة بالاتفاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: (حتى أهل مكة من مكة) (١) فأهل مكة المقيمون وغير المقيمين يهلون بالحج من مكة وهذا مما لا خلاف بين أهل العلم ومما يدل على دخول غير المقيمين ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة من التنعيم، ومعلوم أن عائشة من أهل المدينة فأعطاها حكم أهل مكة في كونها تهل من الحل وهذا إنما يكون لأهل مكة.

قال: (وعمرته من الحل)

للحديث الذي تقدم ذكره وهو ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم) (٢) والتنعيم هو أدنى الحل إلى مكة والحكم عام في التنعيم وغيره من الحل وإنما أعمرها من التنعيم لقربه من الحرم فهو أدنى الحل.

فعلى ذلك المكيون إذا أرادوا العمرة وكانوا في الحرم فإنهم لا يعتمرون في موضعهم الذي هم فيه بل من أدنى الحل، وكذلك الآفاقي إذا كان بمكة وأدركه الحج أو أراد العمرة وهو في الحرم فيجب أن يحرم من الحل للحديث المتقدم.


(١) سبق تخريجه برقم ٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب العمرة، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي [١٧٨٦] ، ومسلم [١٢١١]

<<  <  ج: ص:  >  >>