للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدلوا بقوله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج} (١) ووجه الاستدلال: قوله: {فمن فرض فيهن الحج} قالوا: ولا يمكن لأحد أن يفرضه إلا في عشر ذي الحجة فما قبلها فحينئذ: الأيام الأخرى من ذي الحجة ليست من أشهر الحج لأنه لا يفرض فيها الحج أي لا يهل بالحج، فإن الحج ينتهي الإهلال به بأذان الفجر من ليلة النحر. وهذا القول ثابت عن ابن عمر كما في البخاري معلقاً ووصله ابن جرير أنه قال: (أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) (٢) .

ويورد إشكال على ما ذهب إليه الجمهور وهو أن يقال: إن الله عز وجل قال في كتابه: {الحج أشهر} والأشهر جمع، والجمع إنما يكون في الأصل بثلاثة، وهذه شهران وبعض شهر، وليست بجمع.

فأجابوا عن ذلك بأن هذا من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء وهذا مشهور في لغة العرب، فإن الرجل يقول قمت الليل ولم يقم إلا بعضه، ويقول: رأيت فلاناً اليوم، ولم يره إلا بعضه، وهذا أسلوب معروف في لغة العرب.

- وذهب المالكية: إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملاً.

واستدلوا: بقوله تعالى: {الحج أشهر معلومات} فقوله: (أشهر) جمع، وهذا يصدق في الأصل على ثلاثة، وما ذكرتموه – أي الجمهور – تأويلٌ، فإن إطلاق الكل على الجزء تأويل، والأصل إطلاق الكل على الكل، فإذا قال رجل: قمت الليل، فالأصل أنه قامه كله إلا أن تكون هناك قرينة تدل على أنه لم يقمه كله.

قال الجمهور – قرينتنا – قوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج} فهذه قرينة تدل على أنه أطلق الكل وأراد به الجزء.


(١) سورة البقرة.
(٢) البخاري، كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات..} .

<<  <  ج: ص:  >  >>