للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرواية الثانية: وهو مذهب الأحناف والمالكية: أنه لا يجوز له أن يغطي وجهه وهو من محظورات الإحرام، إلا أن الإمام مالكاً لا يرى فيه الفدية.

واستدلوا: برواية: (ولا تغطوا وجهه) وهي ثابتة في صحيح مسلم في حديث الذي وقصته راحلته فمات وهي رواية ثابتة في مسلم ولا مطعن فيها.

ثم إن القياس يدل عليها فإن أهل العلم نهوا المرأة عن تغطية وجهها إلا إن كان ثمت أجانب، ولا يجوز لها أن تغطي وجهها في خيمتها حيث لا يراها أجنبي، وإحرامها في وجهها – كما سيأتي بيانه – ولا فرق بين الرجل والمرأة في مثل هذه المسألة بل الرجل أولى فإن المرأة في الأصل واجب عليها أن تغطي وجهها عند الأجانب بخلاف الرجل فإنه لا يغطي وجهه مطلقاً فكان أولى بهذه المسألة.

فالقياس يدل على ذلك، فإذا كانت المرأة منهية عن تغطية وجهها فالرجل أولى من ذلك. فالصحيح ما ذهب إليه الإمام أحمد في رواية عنه وهو مذهب الأحناف والمالكية أنه لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه.

قال: (وإن لبس ذكر مخيطاً فدى)

المخيط هو الثوب المفصل على البدن أو على شيء منه.

والواجب على المحرم أن يلبس إزاراً ورداءً، فنهى عن القمص والسراويلات ونحوها من الثياب المفصلة على البدن، ومثل ذلك الخفاف والجوارب.

فإن لبس إزاراً ووضع فيه إبراً أو خيطاً أو شوكاً ونحو ذلك فأصبح على هيئة الملبوس – فإنه كما ذكر ذلك صاحب المغني وغيره – يكون قد فعل محظوراً من محظورات الإحرام لأنه حينئذٍ يكون في حكم المخيط، والنظر يقتضيه لأنه أصبح في حكم المخيط.

مسألة:

إن لم يجد نعلين فلبس خفين فهل يجب عليه أن يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين؟

قولان لأهل العلم:

القول الأول، وهو مذهب الجمهور: أنه يجب عليه أن يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين.

واستدلوا: بحديث ابن عمر المتقدم وفيه: (فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين) (١)


(١) سبق برقم ١٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>