للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا مشكل، وهو على قاعدتهم المتقدمة من أن المجاورة تفرق عن الممازجة، فما يتغير بالمجاورة لا يؤثر وما يتغير بالممازجة فإنه يؤثر.

وهذا تفريق في الحقيقة ليس بمؤثر فإن الماء الذي جاورته أشياء نجسة فتغيرت رائحته فتُشم النجاسة منه، هو ماء متغير بالنجاسة، فإن لم يكن هناك إجماع في هذه المسألة فالأقوى أن يقال بنجاسته؛ لأنه قد تغير بالنجاسة ونحن لا يهمنا إلا التغير سواء كان هذا التغير بمخالطة أو كان ذلك بمجاورة؛ لأن الماء قد تغيّر وهو مادة التطهر، وهو ماء متغير بالنجاسة.

فإذن: الجمهور بل لم يذكر فيه نزاع أن الماء الذي جاورته ميتة ونحوها فتغيرت بها رائحته، فهو ماء طهور بل لا يكره التطهر به.

قوله: (أو سخن بالشمس) :

إذا سخن الماء بالشمس قال: (لم يكره) ، وهذا كذلك مذهب الجمهور.

وأما ما رواه الدارقطني من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعائشة وقد سخنت الماء بالشمس فقال لها: (ياحميراء ـ وهو تصغير حمراء ـ لا تفعلي فإنه يورث البرص) (١) ، فهذا حديث ضعيف جداً لا يصح نسبته إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

ورُوي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ كما عند الدارقطني (٢) ، وفي إسناده جهالة.

وهذا مذهب جمهور الفقهاء وأن الماء إذا سخن بالشمس فإنه لا حرج فيه ـ إلا أن يثبت طبياً أن فيه ضرراً.

فإذا ثبت طبياً أنه فيه ضرر فإنه ينهى عنه كما قال الإمام الشافعي: (لا أكره الماء المشمس إلا أن يكره من جهة الطب) (٣) .


(٢) وأخرجه الشافعي في الأم [١ / ٣]
(٣) الأم للشافعي [١ / ٣] بلفظ: " ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب ".