للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالوا: لوجود الإجماع عليه، فقد أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا خلا بالماء فإن المرأة تغتسل به ولا حرج وهذا هو شطر الحديث، فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نهى الرجل أن يغتسل بفضل المرأة فقد نهى المرأة أن تغتسل بفضل الرجل، وقال: (وليغترفا جميعاً) ، وهذا الإجماع المذكور يقوي ما ذهب إليه الجمهور من أن النهي في هذا الحديث لا يدل على التحريم، وإنما يدل على الأولوية أو الإرشاد فهو نهي إرشاد أي: الأولَى للرجل أن يغتسل بماء جديد غير فضل المرأة، والأولى للمرأة أن تغتسل بماء جديد غير فضل الرجل وإن احتاجا إلى شيء من ذلك فليغترفا جميعاً.

إذن: هذا الحديث لا يدل على التحريم بدلالة فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبدلالة شطره الآخر فإن فيه نهياً للمرأة أن تغتسل بفضل الرجل.

ـ وقول الحنابلة فيه شيء من النظر القوي؛ ذلك، لأن نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجل أن يغتسل بفضل المرأة ورد في السُّنة ما يعارضه وهو ما تقدم من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه.

وأما نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن اغتسال المرأة بفضل الرجل فلم يرد في السنة ما يدل على جوازه فهو أعظم إحكاماً من ذلك، ولولا الإجماع الوارد فيه لكان القول به قوياً، ولكن تقدم ذكر الإجماع ومع ذلك فقد قالوا بما وردت السنة بخلافه ولم يقولوا بما لم ترد السنة بخلافه.

فإذن: الصحيح الراجح وهو مذهب الجمهور واختيار غير واحد من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: أن الماء إذا خلت به المرأة لطهارة كاملة أو غير ذلك فإن الرجل يجوز له أن يتطهر به ولا حرج مع أن الأولى له أن يتطهر بماء غير فضلها.

وكذلك المرأة فالمستحب لها والمشروع أن تتوضأ وتغتسل بغير فضل الرجل ولكن إن اغتسلت به فلا حرج ولا بأس والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين.

الدرس الخامس

(السبت: ١٤ / ١١ / ١٤١٤ هـ)

* قال المصنف رحمه الله: