للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما هذه الحال الثانية: فالراجح أنه ليس بماء فلا يحل لأحد أن يتطهر به، ومثله لا ينبغي الخلاف فيه لأنه ليس بماء، والشارع إنما خصص الماء بالطهارة عند وجوده، فإذا ثبت ذلك وهو أنه ليس بماء فلا يحل لأحد أن يتطهر به.

ـ أما الحال الأولى: فهو المختلف فيها وهي ما إذا كان الماء قد تغير بهذا الشيء الطاهر لكنه لم يتغير مسماه بل بقي ماءً على مسماه.

فحينئذ: ذهب من تقدم إلى أنه طهور، وهذا هو الراجح، والأدلة على ذلك ما يلي:

١ـ قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءاً فَتَيَمَّمُوا} (١) ولفظه (ماء) نكره في سياق النفي، والقاعدة الأصولية أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، فهذا يعم كل ماء.

فكل ماء يتطهر به قبل اللجوء إلى التراب "أي إلى التيمم"، فإذا وقع فيه شيئ من الورق أو شيئ من الثمر أو غير ذلك فتغيرت رائحته أو طعمه أو لونه مع بقائه على مسماه فهو ماء فيدخل في عموم الآية (فلم تجدوا ماء) .

٢ـ الدليل الثاني: ما ثبت في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للنساء المغسلات لابنته: (إغسليها بماء وسدر) (٢) ، وقال صلى الله عليه وسلم: في المتفق عليه، فيمن وقصته راحلته فمات (اغسلوه بماء وسدر) (٣) .

ومعلوم أن السدر يؤثر في الماء ويغير منه، ومع ذلك فإنه يتطهر به هنا.

فالشريعة قد دلت على التطهر به كما في هذا الحديث.

٣ـ الدليل الثالث: ما روى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح أن أم هانيء، قالت: (إغتسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر عجين) (٤) .

والشاهد قوله: (في قصعة فيها أثر عجين) : ومعلوم أن العجين يغيِّر الماء ويؤثر فيه ومع ذلك اغتسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به وميمونة.