للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ وذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو أشهر إحدى الروايتين عن الإمام مالك، وأحد قولي الشافعي، وهو قول ابن المنذر واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من المحققين، أن الماء طهور وليس بطاهر.

١ـ واستدلوا: بما روى أبو داود وأحمد بإسناد جيد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (مسح رأسه بفضل ماء في يديه) (١) ، فهنا الماء الذي في يديه ماء مستعمل، وقد مسح به رأسه.

٢ـ واستدلوا: بالأصل، فالأصل أن هذا الماء طهور يتطهر به وهو ماء داخل في عموم قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء} .

ـ وأما الحديث الذي استدل به أهل القول الأول، فأجابوا عليه بجواب صحيح وهو: أن الحديث إنما فيه نهي المسلم أن يغتسل في الماء الدائم وهو جنب وليس فيه أن الماء ينتقل إلى الطاهرية فهذه مسألة أخرى.

ـ بل العلة الصحيحة في ذلك ـ للأدلة المتقدمة ـ العلة الصحيحة أن يقال: إن ذلك ذريعة إلى تقذيره وإفساده فإن الماء إذا اغتسل فيه من الجنابة ومن الأحداث ونحوها فإن ذلك يودي إلى تقذيره، فهو ماء دائم ثابت فإذا تكرر الغسل فيه من الأحداث الكبرى أو الصغري فإن ذلك يؤدي إلى تقذيره.

وسواء قلنا إن ذلك يؤدي إلى تقذيره حساً أو يؤدي إلى تقذيره معنى.

وأما أن نحكم على الماء بأنه ينتقل عن الطهورية، فليس في الحديث ما يدل على ذلك، بل الأدلة تدل على خلاف ذلك.

ـ كما أن الماء عنما يوضع على المرفق وهو يجري على بقية اليد فإنه يرفع حدث الجزء الأعلى حتى يصل إلى أطراف الأصابع، فعندما ينتقل من جهة إلى جهة إلى أسفل اليد فإنه يكون في نزوله بآخر اليد فهو في الحقيقة ماء قد استعمل في أعلى اليد ثم نزل إلى أسفلها.