للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ وأما كونه لا يدري، فهذا تردد واقع على المكلف.

وأما الشارع فقد أمر بغسل يديه إذا أستيقظ من نومه.

ـ فالأرجح: مذهب الحنابلة وهو وجوب ذلك أي وجوب غسل اليدين ثلاثاً لمن استيقظ من النوم وأراد أن يغمس يده في الإناء.

٢ـ المسألة الثانية: هل هذا خاص بنوم الليل، أم فيه وفي نوم النهار؟؟

ـ المذهب أنه إنما هو خاص في نوم الليل، ولم أر أحداً من المذاهب المتبوعة يخالف ذلك ودليل هذا وجهين:

١ـ الوجه الأول: ما في رواية أبي داود: (إذا استيقظ أحدكم من نوم الليل) محل قوله: (من نومه) التي تفيد العموم.

٢ـ الوجه الثاني: قوله (باتت) : والأصل في البيتوتة أن تكون ليلاً.

ـ وذهب الحسن البصري إلى أنه عام في نوم الليل والنهار وأن حكمهما واحد.

ويستدل له بعموم: قوله: (من نومه) .

ولكن هذا الإستدلال فيه ضعف لما تقدم من الوجهين السابقين.

ـ فإن قيل: ألا يقاس نوم الليل على نوم النهار؟

فالجواب: أن القياس ضعيف من وجهين:

أـ الوجه الأول: أن إلحاق نوم النهار بنوم الليل إلحاق مع الفارق. فإن الليل هو محل النوم، الأصل فيه أن يستغرق في نومه وتطول مدة النوم، بخلاف نوم النهار، فليس في الأصل محلاً للنوم والأصل فيه ألا يكون طويل المدة.

ب ـ الوجه الثاني: أن العلة تعبدية، فقوله: (أين باتت يده) فلا تدري ما العلة من ذلك.

لذا قال أهل العلم لو أن رجلا وضع يده في قفازين أو نحو ذلك فإنه مع ذلك يجب عليه أن يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء؛ لأن العلة تعبدية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه، فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه) (١) .

فإذن هي أمور معنوية، وهو لا يدري أين باتت يده، فقد يكون هذا في أمر مشاهد أو أمر غائب، فالمسألة تعبدية.

وعندما يثبت ذلك، أي أن العلة تعبدية غير معقولة المعنى، فلا قياس حينئذ.

فالقياس لا بد منه أن تكون العلة معنوية فالراجح أن نوم النهار ليس كنوم الليل.