للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما الحنابلة، فقالوا: يكون الترجيح حيث كانت الضرورة؛ لأنه إذا رجح فقد يقع في الأمر المحرم من استعمال النجس، فقد يقع فيه وإن كان يظن أنه لم يقع فيه وإعمال الظن إنما يكون عند الضرورة، وأما هنا فلا ضرورة فإنه بحكم غير الواجدين للماء فحينئذ يلجأ إلى التيمم، ولا حاجة إلى أن يتحرى وإنما يلجأ إلى التيمم.

ـ كما أنه إذا اشتبه ماء مباح وماء محرم وليس مضطراً إلى أحدهما فإنه يدع الجميع، ولا يمكن أن يتورع إلا بمثل ذلك ـ فإنه ـ حينئذ ـ يدع الجميع ويلجأ إلى شيء آخر سواهما.

أما إذا كان مضطراً كأن يكون إنسان عنده ماءان به أحدهما طهور والآخر نجس وهو مضطر؛ لأن يشرب أحدهما فإنه ـ حينئذ ـ يتحرى فما غلب على ظنه أنه ماء طهور فإنه يشرب منه للضرورة.

وقد ذكر شيخ الإسلام القولين ولم يرجح بينهما.

ـ والأقوى فيما يظهر، ما ذهب إليه الحنابلة للأمر الذي تقدم وهو أن الأمر ليس فيه ضرورة داعية إلى التحري، واستعمال أحد الماءين مع إحتمال قوي أن يكون هذا المستعمل هو الماء النجس المحرم استعماله، فلا ضرورة تدعو إلى ذلك فحينئذ يلجأ إلى التيمم. لذا قال المؤلف:

((ولا يشترط للتيمم إراقتهما ولا خلطهما)) :

فإنهم يرون أنه ـ حينئذ ـ يتيمم.

ـ إذا كان عنده ماءان أحدهما طهور والآخر نجس ويمكنه أن يضيف أحدهما إلى الآخر فيطهران بذلك، فلا يجوز له أن يلجأ إلى التيمم؛ لأنه يمكنه أن يحول هذين الماءين إلى ماء طهور.

ـ مثال: إذا كان عندهما ماءان أحدهما قليل والآخر كثير، والقليل قد نجس بالملاقاة أو كلا الماءين كثير وقد تنجس لكنه يشق وليس عنده استطاعة على تمييز الطهور من النجس كأن يكون أعمى أو نحو ذلك.

فحينئذ: يضيف أحدهما إلى الآخر ويطهران بذلك ولا يجوز له أن يتيمم.