للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكن هذا الجواب ضعيف؛ لأن الحكم تبع للوجود فمتى ما وجد هذا فإنه محرم ولو كان هذا على هيئة الندرة، نعم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم ينص على ذلك لندرته، فهذا يصح أن يكون دليلاً على عدم تنصيص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تحريم ذلك؛ لأن الغالب الكثير إنما هو استخدام الأواني من الذهب والفضة، وأما استخدامها من الجواهر ونحوها فإن ذلك نادر قليل.

فيصبح أن يكون ذلك سبباً لعدم ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحريم استخدام الجواهر الثمينة في المطاعم والمشارب ونحوها.

وأما أن يكون ذلك دليلاً على الجواز فلا؛ فإن هذا الشيء وإن وقع نادراً فإن فيه علة الكبر والخيلاء ونحو ذلك من العلل فهو حرام. فهذا القول قول قوي.

* قوله: ((إلا آنية ذهب وفضة)) :

فآنية الذهب والفضة من سائر الأواني قد نصّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تحريمها، يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة) .

(صحافها) : جمع صحفة وهي ما يشبع الخمسة، ومثل ذلك غيرها من الأواني، وهذا إنما هو للغالب، فالغالب في الأواني أن يكون كذلك، وغيرها من الأواني لها نفس الحكم فالقصعة وهي ما تكفي العشرة، والمئكلة وهي ما يشبع الأثنين والثلاثة لها نفس الحكم.

(فإنها لهم في الدينا) : أي للكفار.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) .

ـ قوله: (الذي يشرب في آنية الفضة) : وأولى منها آنية الذهب فإنها أعظم وأشد وأقبح من الفضة في هذا الحكم:

بل ثبت في مسلم في هذا الحديث نفسه: (من شرب في إناء ذهب وفضة) .