ـ أما إذا ثبت أن فيها نجاسة، فإنه لا يحل له أن يأكل أو يشرب أو نحو ذلك من الإستعمالات ـ لا يحل له ذلك، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي ثعلبه الخشني قال: (قلت يا رسول الله: إنا بأرض قوم أهل كتاب "وفي رواية لأبي داود: وإنهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر"، فنأكل في آنيتهم فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(لا، إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها) .، وقد تقدم في رواية أبي داود أن هؤلاء النصارى كانوا بطبخون في قدورهم الخنازير ويشربون في أوانيهم الخمر.
ـ وقد ثبت في مسند أحمد بإسناد حسن عن ابي ثعلبة الخشني أنه قال: للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها "وآنية المجوس الغالب فيها أنها تستعمل في الطعام المحرم فإنه لا تحل ذبائحهم وهم يأكلون الميتة" فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إذا اضطررتم إليها فاغسلوها واطبخوا فيها".
ـ إذن: هذه الأدلة تدل على أن آنية الكفار طاهرة ما لم يثبت أن فيها نجاسة فإنه لا يحل للمسلم أن يأكل فيها حتى يغسلها.
ـ مما يدل على طهارة أواني الكفار ـ أيضاً ـ ما ثبت في مسند أحمد وسننن أبي داود بإسناد صحيح عن جابر قال: كنا نغزو مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم، فنستمتع بها فلم يعب ذلك علينا) .
ـ ومثل ذلك ثيابهم التي يستعملونها في اللبس فإنها كذلك حلال لبسها وهي طاهرة إن جهل حالها.
إذن: إذا علمت طهارتها فلا شك في جواز لبسها وفي طهارتها.
ـ وإذا جهل حالها ـ أي لم تعلم نجاستها فإنها كذلك.
أما إذا ثبتت نجاستها فلا تحل حتى تُغسل.
ـ أما أوانيهم أو ثيابهم التي صنعوها أو نسجوها للمسلمين فهذه لا يشك في حلها. وقد ذكر الموفق وابن القيم، وهو أمر لا يحتاج إلى استدلال بدليل خاص، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون من ثياب الكفار التي صنعوها) .