للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ ومن أدلة أهل القول الثاني: ما ثبت في سنن أبي داود والنسائي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (نهى عن جلود السباع) وفي الترمذي: (أن تفترش) .

قالوا: فهذا دليل ـ وقد استدل به شيخ الاسلام ـ على هذا القول.

ـ ولكن هذا الإستدلال فيه نظر، فنعم الحديث إسناده صحيح لكن الاستدلال به فيه نظر فإن الحديث إنما فيه تحريم الإفتراش ونحوه الذي بجلود السباع وليس فيه أنها نجسه.

كما حرم الشارع الذهب والحرير على الرجال وليس ذلك لنجاستها.

وإنما حرم الشارع الجلوس والإفتراش على جلود السباع لما فيها من الخيلاء والاستطالة ونحو ذلك فليس في الحديث أن ذلك لنجاستها ـ على أنه لا يحل دباغها؛ لأن في دباغها إستعمالاً لها ـ ولكن لا يعني ذلك أنه إذا فعل ذلك فإنها تكون نجسة بحيث أنها إذا أصابت ماءاً أو نحوه فإنها تنجسه فإن الحديث ليس فيه شيء من ذلك وإنما فيه النهي فحسب وليس فيه ذكر نجاسها.

ـ كما كان من شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ كما تقدم في مسألة النهي عن البول في الماء الراكد ـ وذكر أن ذلك ليس لنجاسته وإنما فيه مجرد النهي وهذا نظير له.

فالأرجح إذن: طهارة الجلود أولاً: من حيث الجملة، ثانياً: أن الجلد الذي يؤثر فيه الدبغ إنما هو جلد ما كان طاهراً في الحياة.

ـ واعلم أن الدبغ: يشترط أن يكون فيما يذهب خبثه ونجاسته ورجسه من القرظ ونحوه وقد ثبت في سنن أبي داود والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام: (مرّ بشاة يجرونها، فقال: لو أخذتم أهابها، فقالوا: إنها ميتة، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يطهرها الماء والقرْظ)

والقرظ: مادة مطهرة معروفة.

ـ وإذا طهر كذلك بعدها فلا بأس، والواجب أن تكون هذه المادة مطهرة تزيل النجس، والخبث الموجود في هذا الجلد.