للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما روى الطبراني ورجاله ثقات: كما قال الهيثمي، وقد رواه البيهقي عن ابن مسعود قال: (لا تأكلوا الجبن إلا ما صنع المسلمون وأهل الكتاب) ، وذلك لأنه يستخرج من ذبائحهم وذبائحهم حلال، كما قال البيهقي وقد ذكره البيهقي عن ابن عباس وأنس ابن مالك ـ رضي الله عنه ـ وقال: وكل استدل بآثار ينقلها عن الصحابة.

قالوا: ـ أي الجمهور ـ فهذه آثار عن الصحابة ولم يتبين لنا مخالف لهم فحينئذ: تكون حجة على نجاسة الإنفحَّة، ومثلها اللبن.

ـ أما النظر: فقالوا: هذا وعاء نجس، وقد لاقى ـ أي اللبن أو الإنفحة ـ نجاسة فينجس بها، فهذه الميتة نجسه وهذه الإنفحة أو هذا اللبن قد لاقاها فيكون نجساً، وهذا على القول بأن المائعات تنجس بملاقاة النجاسة ولو لم تتغير وهذا قول ضعيف.

بل الراجح أن المائعات لا تنجس إلا بالتغير كالماء.

قالوا: وهي جزء من الميتة، فالأنفحة جزء من الميتة وكذلك اللبن قبل أن يستخرج منها فما هو إلا جزء فيها، فعلى ذلك هو ميتة، وقد قال تعالى (حرمت عليكم الميتة) .

٢ـ وذهب الأحناف إلى أن الإنفحة ليست بنجسه ومثلها اللبن وهو إحدى الروايتين عن أحمد إختارها صاحب الفائق، وقال الشافعية إن كانت السخلة لا تشرب إلا اللبن دون غيره فهي طاهرة وهو قول الأكثرين واختاره النووي.

واستدلوا: بأن الصحابة لما أتوا المدائن كانوا يأكلون الجبن، مع أن أهل المدائن كانوا مجوساً وذبائحهم لا تحل ومع ذلك أكل الصحابة هذا الجبن المصنوع.

أما النظر: فقالوا: اللبن والإنفحة منفصل عن الميتة فهي ليست من الميتة فعلى ذلك هي طاهرة.

ـ والأظهر هو القول الأول وهو مذهب جمهور أهل العلم.

ـ واختار قول الأحناف شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوي وغيرها.

والراجح القول الأول لصحة الآثار الثابتة عن الصحابة في ذلك.

ـ أما ما ذكره الأحناف وذكره شيخ الإسلام فإنهم لم يسندوه إلى كتاب فينظر في صحته هذا أولاً.