للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالوا: لأن الجلد يتسرب إليه النجاسات بخلاف العظم.

فإن الجلد يتسرب إليه الدم الذي يكون محبوساً في هذا الحيوان وهذا القول ـ في الحقيقة ـ راجح.

إلا أنه قد يضعف فيما إذا تبين رقة العظم وأنه يتسرب إليه النجاسات ويمكن إنتقالها إليه فإنه ـ حينئذ ـ يقوى القول بنجاسته.

ـ هذا على القول بأن سبب نجاسة الميتة هذا الدم المحبوس فيها وهذا هو مذهب جماهير العلماء ـ أي أن سبب ـ نجاسة الميتة هو الدم المحبوس فيها.

إذن: عظم الميتة، وظفرها ونحوه ليس بنجس كما هو مذهب الأحناف واختيار شيخ الإسلام.

ـ أما ريش الميتة وشعرها ووبرها وصوفها، فقد اختلف فيه أهل العلم:

١ـ فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه طاهر.

ـ وذهب الشافعية إلى أنه نجس، فدليلهم هو نفس الدليل المتقدم، وهو قوله تعالى: ((حرمت عليكم الميتة)) ، والميتة شامل لكل ذي روح قد فارقته روحه، وما يتصل به، والشعر متصل به فعلى ذلك هو مُحَرَّم.

ـ وأما الجمهور فقالوا إنا بالإجماع نقول: إن الحيوان إذا جُزّ شعره وهو حي فإن هذا الشعر طاهر فدل على المفارقة بين اللحم والشعر، فإن اللحم إذا فارق الحي فإنه نجس وهو ميتة.

أما الشعر فإنه طاهر بالإجماع وهو حلال، فدل على أن هناك فرقاً بين الشعر وبين اللحم.

فالشعر ينجس بجزه من الحي، ويكون طاهراً بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن حجر.

وأما اللحم فإنه بالإجماع إذا قطع من الحية فإنه ميتة نجس محرم.

فدل على أن الشارع فرق بين الأمرين.

ـ على أن الشعر لا يحل فيه الحياة مطلقاً، فهو ليس موضعاً للحياة على الإطلاق وعلى قولنا بأن العظم ليس بنجس وهذا الراجح فأولى منه الشعر وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما حرم لحمها) .

فإذن: الميتة شعرها ووبرها وريشها وصوفها: كل ذلك طاهر سواء جُزّ منها ميتة أو حية ـ وسيأتي بيان هذا إن شاء الله عند الكلام على القضية الأخرى.