للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وافرشتك، وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فَلا تَعْضُلُوهُنّ} فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: "فزوجها إياه" ١.

فهذه الآية أصرح دليل على اشتراط الولي، وإلا لما كان لعضله معنى، ولو كان لمن نزلت فيها الآية أن تزوج نفسها لما احتاجت إلى أخيها، ومن كان أمره إليه لا يقال إن غيره منعه، ولا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك.

وفي حديث معقل هذا أن الولي إذا عضل لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره بالرجوع عن العضل فإن أجاب فذاك، وإن أصر زوج عليه الحاكم٢.

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط الولي أصلًا، ويجوز للمرأة أن تزوج نفسها، ولو بغير إذن وليها إذا تزوجت كفؤًا، واحتج بالقياس على البيع فإنها تستقل به، وحمل الأحاديث الواردة في اشتراط الولي على الصغير وخص بهذا القياس عمومها، وهو عمل سائغ في الأصول وهو جواز تخصيص العموم بالقياس، لكن حديث معقل المذكور رفع هذا القياس، ودل على اشتراط الولي في النكاح دون غيره ليندفع عن موليته العار باختيار الكفء٣. ومن الأحاديث الدالة على اشتراط الولي ما جاء عن أبي موسى، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي " ٤.


١- صحيح البخاري ٦٧، النكاح ٣٦، باب من قال: لا نكاح إلا بولي ج ٣: ٢٤٨ تعليقًا.
٢ ابن حجر، فتح الباري ٩: ١٨٧-١٨٨.
٣ ابن حجر، فتح الباري ٩: ١٨٧.
٤ سنن الترميذي ٩، النكاح ١٤، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي ج٣: ٤٠٧.
سنن أبي داود ١٢، النكاح، باب في الولي ج ٢: ٢٢٩.

<<  <   >  >>