للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توفير مواطن الشغل لكثير من فاقديه، فيقبلون على العمل، ولو كان متعبًا، صونًا للنفس عن ذل السؤال، ولهذا أورد الإمام البخاري في الباب نفسه، وفي غيره، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه" ١.

وخير هنا ليست فعل تفضيل إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا ٢.

اجتهاد البعض في أعمالهم فيحققون ابتكارات في المصنوعات، وفي طريقة العمل. والمسلمون اليوم أينما كانوا، وكيفما كانت حالهم الاجتماعية ثراءً أو فقرًا هم في حاجة للعناية بالأعمال اليدوية وتطويرها، ليوفروا حاجاتهم بأنفسهم، وليتخلصوا من تبعية غيرهم في أشياء بسيطة في إمكانهم إنتاجها.

على أن هذه الحرف، وكل عمل لا يحقق قصده المتمثل في تحقيق النفع لصاحبه والمجتمع إلا إذا صحبه الإخلاص، والنصح، والقناعة في الربح، والتعامل الحسن مع الحرفاء، واتقاء كل الشبهات حتى يتأكد العامل أن كسبه حلال محض، فينوي به التقرب إلى الله تعالى، ويعتقد أن العمل واسطة، والرزق من الله تعالى فيتوكل عليه.


١ صحيح البخاري ٣٤، البيوع ١٥، باب كسب الرجل وعمله بيده ج١: ٦، والزكاة ٥٠، باب الاستعفاف في المسألة ج ١: ٢٥٢.
سنن النسائي ٢٣، الزكاة ٨٥، باب المسألة ج ٥: ٩٣- ٩٤.
٢ ابن حجر، فتح الباري ج٣: ٣٣٦.

<<  <   >  >>