للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا مما تبيحه قوانيننا الحاضرة وهي حالة يعذر فيها عمرو على ما صنع، فإن عمر لم يرض ذلك وأمر عمرا أن يهدم البناء الجديد من المسجد ويعيد إلى المسيحية دارها كما كانت.

هذه هي الروح المتسامحة التي سادت المجتمع الذي أظلته حضارتنا بمبادئها، فإذا بنا نشهد من ضروب التسامح الديني ما لا نجد له مثيلا في تاريخ العصور حتى في العصر الحديث.

وبعد، فإن التسامح الديني في حضارتنا مما لا يعهد له مثيل في تاريخ العصور الماضية، وقد أجمع المؤرخون الغربيون ممن يحترمون الحق على هذا التسامح وأشادوا به.

يقول المؤرخ الشهير المعاصر ولز في صدد بحثه عن تعاليم الإسلام: إنها أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ في الناس روح الكرم والسماحة، كما إنها إنسانية السمة، ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعي عما في أية جماعة أخرى سبقتها ... إلى أن يقول عن الإسلام: إنه مليء بروح الرفق والسماحة والأخوة.

ويقول أرنولد وهو يتحدث عن المذاهب الدينية بين الطوائف المسيحية: ولكن مبادئ التسامح الإسلامي حرمت مثل هذه الأعمال التي تنطوي على الظلم، بل كان المسلمون على خلاف غيرهم إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جهدا في أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحيين بالعدل والقسطاس، مثال ذلك: أنه بعد فتح مصر استغل اليعاقبة فرصة إقصاء السلطات البيزنطية ليسلبوا الأرثوذكس كنائسهم، ولكن المسلمين أعادوها أخيرا إلى أصحابها الشرعيين بعد أن دلل الأرثوذكس على ملكهم لها، وإذا نظرنا إلى التسامح الذي امتد على هذا النحو إلى رعايا المسلمين من

<<  <   >  >>