ونضج نضوجا كاملا وآتى ثمارا طيبة للناس، وزود الدولة الإسلامية بالأحكام القانونية لتنظيم مختلف أمورها وشئونها قرونا عديدة فسعد الناس بتلك الأحكام ما شاء الله لهم أن يسعدوا.
وفي هذا الدور ظهر نوابغ الفقهاء، فالمجتهدون العظام ظهروا في هذا الدور وأسسوا مذاهبهم الفقهية التي لا يزال أكثرهم قائما حتى الآن، وكل مذاهب مدرسة فقهية ترينا نمط التفكير الفقهي الدقيق لأصحابها ومناهجهم في فهم الشريعة واستنباط الأحكام من نصوصها وقواعدها، ولهذا فنحن نرى في تلك المدارس الخير الكثير، وكما ظهر مجتهدون فقهاء، ظهر أيضا علماء نوابغ في علم الحديث الشريف وفنونه ومصطلحاته وما يتعلق به.
وفي هذا الدور أيضا دُوِّن الفقه وضبطت قواعده وجمعت أشتاته وألفت الكتب في مسائلة وصار بناؤه شامخا وعلمه متميزا عن غيره قائما بنفسه، وكما دون الفقه دونت السنة أيضا تدوينا شاملا مع بيان الصحيح منها والضعيف.
ولهذه الظواهر كلها، سمي هذا الدور بأسماء مختلفة تنبئ عن مميزات هذا الدور وتكشف عن حالة الفقه، فسمي بعصر الفقه الذهبي، أو بعصر ازدهار الفقه، أو بعصر التدوين أو بعصر المجتهدين ونحو ذلك من التسميات، وفيما يلي عن بعض مظاهر هذا الدور:
١- ازدهار الفقه، وأسبابه: لقد نما الفقه في هذا الدور وازدهر وكثرت مسائله على نحو لم يعهد مثله من قبل وهذه الظاهرة ترجع إلى أسباب كثيرة، منها:
أولا: عناية الخلفاء العباسيين بالفقه والفقهاء: وتظهر هذه العناية بتقريبهم الفقهاء، والرجوع إلى آرائهم، فالرشيد ت ١٣٩هـ، الخليفة المشهور، يطلب من أبي يوسف ت ١٨٣هـ، صاحب أبي حنيفة ت ١٥٠هـ، وضع قانون