إسلامي للأمور المالية تسير عليه الدولة، فيستجيب أبو يوسف لهذا الطلب ويلبي رغبة الخليفة ويضع له كتابه الشهير الخراج. والمنصور ت ١٥٨هـ، يحاول أن يجعل موطأ مالك قانونا للدولة يسير عليه القضاة والمفتون، فيأبى مالك ت ١٧٩هـ. ويكرر الطلب هارون الرشيد فيأبى مالك ويقول له: إن فقهاء الصحابة تفرقوا في الأمصار وكل عنده علم وفقه وكل على حق، ولا ضرر في اختلافهم. والمأمون ت ٢١٨هـ، يقرب الفقهاء ويسمع مناقشاتهم الفقهية في مجلسه ويشترك في بعضها مؤيدا أو معارضا أو مستفسرا وإن كان قد اشتط كثيرا وارتكب خطأ جسيما في إكراهه الفقهاء على القول بخلق القرآن.
وقد نتج عن عناية الخلفاء بالفقهاء وتوفير الحرية اللازمة لهم للبحث العلمي أن نشط الفقهاء ومضوا في إنتاجهم الفقهي وبحثهم العلمي فاجتهد كل فقيه كما أحب وأظهر مما أدى إليه اجتهاده في مسائل الفقه.
ثانيا: اتساع البلاد الإسلامية: فقد كانت من أسبانيا إلى الصين وفي هذه البلاد الواسعة عادات وتقاليد مختلفة متباينة، تجب مراعاتها ما دامت لا تخالف نصوص الشريعة، فاختلفت الاجتهادات بناء على اختلاف العادات والتقاليد، يضاف إلى ذلك أن المسلمين كانوا جد حريصين على معرفة حكم الشرع في جميع معاملاتهم وتصرفاتهم وهي كثيرة ومتنوعة، وكانوا يفزعون إلى الفقهاء ويستفتونهم ويسألونهم، وكان الفقهاء يجيبونهم مستبشرين، ويستنبطون الأحكام لمسائلهم، وفي هذا وذاك نمو للفقه واتساع لدائرته.
ثالثا: ظهور المجتهدين الكبار ذوي الملكات الفقهية الراسخة: فعملوا على تنمية الفقه وسد حاجات الدولة من التنظيمات والقوانين، وأنشئوا المدارس الفقهية التي ضمت نوابغ الفقهاء.