للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} لأنه لا يمكن أن تحصُل هذه الرؤية إلاَّ لمن عمل عملاً صالحاً.

والعمل لا يكون صالحاً إلاَّ إذا توفّر فيه شرطان:

الشرط الأول: الإخلاص لله عزّ وجلّ من الرياء والسمعة، ومن جميع أنواع الشرك الأكبر والأصغر.

والشرط الثاني: أن يكون موافقاً لسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خالياً من البدع والمحدَثات والخُرافات.

أما إنِ اختلّ شرطٌ من هذين الشرطين فليس عملاً صالحاً، وإنما هو عملٌ باطل.

فإن اختلّ الشرط الأول، صار العمل حابطاً لما دخله من الشرك.

وإنِ اختلّ الشرط الثاني صار بدعاً ومحدَثات ومخالَفات فهو مردود باطل، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي رواية: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

فلا يكون العمل صالحاً إلاَّ إذا توفّر فيه هذان الشرطان كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} . قال الفُضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه"، قالوا: يا أبا علي وما أخلصه وأصوبه؟، قال: "أخلصه: أن يكون خالصاً لوجه الله، وأصوبه: أن يكون صواباً على سنة رسول الله، فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، وإنما يُقبل إذا كان خالصاً صواباً".

{وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ومن ذلك: أن يرائي بعمله، أو يسمِّع بعمله، فإنه إذا راءى بعمله، أو سمّع به، أبطله اله وردّه عليه.

وقوله: {أَحَداً} نكرة في سياق النهي، تعمُّ كلَّ أحد، فالله لا يقبل أن يُشرك معه أحد لا من الملائكة، ولا من الرسل، ولا من الأولياء والصالحين، ولا من الأحجار والأشجار، ولا من الجن، ولا من الإنس.

فهذا فيه ردٌ على الذين يقولون: إنما الشرك عبادة الأصنام فقط، أما أن نتقرَّب

<<  <  ج: ص:  >  >>