للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثالث والستون:]

* باب ما جاء في ذِمة الله وذمة نبيه

وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} الآية.

ــ

مناسبة هذا الباب لكتاب التّوحيد: أن نقض العهود فيه نقصٌ في التّوحيد، لأنّه يدلّ على عدم احترام عهدِ الله، ومن لم يحترم عهد الله، فإنّ هذا يدلّ على نقص توحيده، ومن وفى بعهد الله وعظم عهد الله فهذا يدلُّ على كمال توحيده. هذا وجه المناسبة.

وقول الشيخ رحمه الله: "باب ما جاء في ذمّة الله وذمّة نبيّه" الذِّمّة معناها: العهْد.

وما جاء يعني: من النّهي عن نقض العهود من كتاب الله وسنّة نبيّه، وما جاء من الوعيد في ذلك.

قال: "وقول الله تعالى: {وَأَوْفُوا} " هذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى بالوفاء بالعهود، والوفاء: ضدّ الغدر والخيانة.

{بِعَهْدِ اللهِ} المراد به: الميثاق الذي يُعقد بين النّاس، وأضافه إلى نفسه إضافة تشريف؛ ممّا يدلّ على تعظيم العهد، لأن الشيء إذا أضيف إلى الله فهذا دليلٌ على تعظيمه، مثل: بيتِ الله، وناقة الله، وعبد الله، فالإضافة هنا تقتضي تعظيم المضاف، فهي تدلّ على عظم العهد، ووجوب احترامه.

" {إِذَا عَاهَدْتُمْ} " أي: عاهدتم طرفاً آخر من النّاس، وهذا يشمل الذي بين الله وبين خلقه والعهد الذي بين المسلمين وبين الكُفّار، ويشمل العهد الذي بين وليّ أمر المسلمين وبين الرعيّة، ويشمل العهد الذي بين أفراد النّاس بعضهم مع بعض.

فهذه العهود العامّة والخاصّة يجب الوفاء بها، لأنّ نقض العُهود من علامات المنافقين، قال سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ (٧٧) } ،

<<  <  ج: ص:  >  >>