عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال؛ فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله.
ــ
الاستشفاع: طلب الشفاعة.
والشفاعة: هي الوساطة في قضاء الحوائج عند من هي بيده.
وهي بحسب المشفوع فيه؛ فإن كان المشفوع فيه خيراً فالشفاعة حسنة وفيها أجر، قال سبحانه وتعالى:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اشفعوا تؤجروا ".
أمّا إنْ كانت الشفاعة في أمر محرَّم فإنّها محرَّمة، كما قال تعالى:{وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} ، كالذي يشفع في إسقاط حد من حدود الله كحدّ الزنا، وحدّ السرقة، وحدّ الشرب، فأراد أحدٌ أن يبُْطِلَه، وذهب إلى الحاكم من أجل أن يترك إقامة الحدّ بعدما تقرّر وثبت؛ فهذه شفاعة محرّمة، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تعافوا الحدود فيما بينكم، وما بلغني من حدٍّ فقد وجب"، وقال:"إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشّافع والمشفَّع".
هذا في الشفاعة عند المخلوق:
أمّا الاستشفاع بالله على أحدٍ من خلقه: فهذا منكر عظيم، لأنّ المشفوع عنده يكون أعظم من الشّافع، فإذا استشفع بالله إلى أحدٍ من خلقه فمعناه: أن هذا المخلوق عنده أعظم من الله، فهذا تنقُّصٌ لجناب الله سبحانه وتعالى، وهذا مخلٌّ بالتّوحيد.