للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الرابع عشر:] * بابٌ من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعوَ غيره

ــ

هذا الباب جاء في سياق الأبواب التي تبيّن أنواعاً من الشرك يقع فيها بعض الناس في مختلف العصور والأزمان.

فقوله: "من الشرك"، أي: من أنواع الشرك الأكبر: "أن يستغيث بغير الله" فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله.

والاستغاثة: طلب الغوث، ولا تكون إلاَّ في وقت الشدّة.

وأما الدعاء فهو عام في وقت الشدّة وفي غيرها، فعطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص.

والاستغاثة بالمخلوق على قسمين:

القسم الأول: الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فهذه هي الشرك الأكبر، لأنها صرف للعبادة لغير الله سبحانه وتعالى.

أما الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه المخلوق كاستغاثة بغيره في الحرب ليساعده ويناصره على عدّوه؛ فهذا جائز، كما قال الله تعالى عن موسى عليه السلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} ، فالاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه- كالاستغاثة بالأموات والغائبين- شرك أكبر، لأنه يستغيث بمن لا يقدرون على شيء أبداً، فالذين يستغيثون بالأضرحة، وبالأولياء وبالصالحين، والأموات، أو يستغيثون بالغائبين من الجن، أو بالشياطين، كل هذا من النوع الممنوع.

أما الدعاء، فهو أعم من الاستغاثة- كما سبق-، وهو نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة.

ودعاء العبادة هو: الثناء على الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته.

ودعاء المسألة هو: طلب الحاجات من الله سبحانه وتعالى.

ويجتمع النوعان في سورة الفاتحة، فقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) } ، هذا دعاء عبادة، لأنه ثناء على الله، وقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>