للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السابع والثلاثون:]

* باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

وقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} الآية.

ــ

قوله رحمه الله: "بابٌ" هذا- كما سبق وتكرّر- أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا بابٌ.

"من الشرك" أي: من أنواع الشرك، والمراد: الشرك الأصغر.

"إرادة الإنسان بعمله الدنيا" ومعناه: أن يعمل العمل الذي شرع للآخرة وهو لا يريد به إلاَّ طمع الدنيا، كأن يجاهد من أجل المغنم، أو يتعلم من أجل الرئاسة والوظيفة، أو يحج أو يعتمر من أجل أخذ المال، وهكذا.

والفرق بين هذا الباب والذي قبله: أن الباب الذي قبله في الرياء وهذا في إرادة الإنسان بعمله الدنيا، وهما يجتمعان في العمل لغير وجه الله، وفي أنهما شرك خفي، لأن الإرادة والقصد من أعمال القلوب، فهما يجتمعان في هذا، لكن يفترقان في أن الرياء يراد به الجاه والشهرة، وأما طلب الدنيا فيراد به الطمع والعرض العاجل، قالوا: والذي يعمل من أجل الطمع والعرض العاجل أعقل من الذي يعمل للرياء، لأن الذي يعمل للرياء لا يحصل له شيء، وأما الذي يعمل من أجل الدنيا فقد يحصل له طمع في الدنيا ومنفعة في الدنيا، ولكن كلاهما خاسر عند الله سبحانه وتعالى، حيث أن كلاً منهما أشرك في نيته وقصده، فهما يجتمعان من وجه ويفترقان من وجه.

قوله: "وقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي: من كان يقصد بعمل الآخرة عرض الدنيا.

" {وَزِينَتَهَا} " زينة الدنيا وهي المال والولد، كما قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .

{نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} هذا جواب الشرط، أي: نعطه من الدّنيا ما أراد وما

<<  <  ج: ص:  >  >>