للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السادس والستون:]

* باب ما جاء في حماية النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمى التّوحيد وسده طرق الشرك

ــ

سبق بابٌ يشبه هذا، وهو قول الشيخ رحمه الله هناك: "باب ما جاء في حماية المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جناب التّوحيد، وسدّه كل طريق يوصِّل إلى الشرك"، فما الفرق بين البابين؟.

الفرق بين البابين: أنّ جناب التّوحيد معناه: جانب التّوحيد، وهنا: "حمى التّوحيد" وفرقٌ بين الجانب وبين الحمى، لأنّ الجانب بعض الشيء، وأمّا الحمى فهو ما حول الشّيء.

فهناك أراد المصنِّف رحمه الله أن يبيّن حماية النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للتوحيد نفسه من أن يقع فيه شرك.

وهنا أراد أن يبيّن أنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمى ما حول التّوحيد، بعد حمايته التّوحيد، وهذا من باب العناية التامة بشأن التّوحيد.

قوله: "باب ما جاء" يعني: من الأحاديث.

"في حماية النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الحماية معناها: المنع، أي: منع النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

"حمى التّوحيد" أي: ما حول التّوحيد.

"وسده طرق الشرك" الطرق هي: الأشياء التي توصِّل إلى الشيء، فالنّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سدّ الوسائل والأسباب التي تؤدِّي إلى الشرك وإن لم تكن هي من الشِّرْك لكن لَمّا كانت تؤدِّي إلى الشرك منع منها النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتياطاً للتّوحيد، فقد يكون الشيء مباحاً في نفسه، ولكن إذا كان هذا المباح يُفضي إلى محرَّم فإنّ هذا المباح يُصبح حراماً، لأنّ الوسائل لها حكم الغايات، فالوسيلة إلى المحرّم تكون حراماً، وهذا ما يسمّى عند الأُصوليّين بقاعدة (سدّ الذرائع) ، فكلُّ ذريعة توصِّل إلى محظور وإلى حرام فإنّ الشّارع منع منها وحرّمها، وهذا كثيرٌ في الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>