للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب العاشر:] * باب ما جاء في الذبح لغير الله

وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ} الآية.

ــ

هذا الباب كالأبواب التي قبله في بيان أنواع من الشرك التي يمارسها بعض الناس في مختلف الأزمان، من عهد الجاهلية، ولا تزال مستمرَّة، وذلك من أجل أن يتميّز الخبيث من الطيّب، ولله الحكمة سبحانه وتعالى في بقاء هذا الشرك والكفر؛ من أجل أن يتميّز الخبيث من الطيّب، والموحِّد من المشرك، والمهتدي من الضال: {لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً} ، ولكن لو هداهم جميعاً لم تكن هناك مِيزَة لأحد على أحد، ولكن اقْتَضَتْ حكمته سبحانه أن يُجري الامتحان من أجل أن يتميّز الخبيث من الطيّب.

قال: "وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ} تتمة الآيات: " {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} " ختم الله هذه السورة العظيمة بهذه الآيات، لأن السورة تدور كلها على التّوحيد وبيان الشرك، وبيان ما يفعله المشركون مع الأصنام، وما حرّموه من المزارع والأنعام لأصنامهم.

وختمها سبحانه وتعالى بالبراءة من كل ما يفعله المشركون، وهذا الغالب على السور المكية، فالسور المكية غالبها، بل تكاد تكون كلها في التّوحيد والنّهي عن الشرك، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكث في مكة ثلاثة عشرة سنة يدعو إلى التّوحيد، وينهى عن الشرك، وينزل عليه القرآن في ذلك، ومن جُملة ما نزل عليه في مكة هذه السورة العظيمة: سورة الأنعام.

فقوله تعالى: " {قُلْ} " هذا أمر من الله جل وعلا لنبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُعلن للناس، ليس لناس وقته فقط، بل للناس جميعاً إلى أن تقوم الساعة، وليس لناس بلده، بل لناس العالم:

<<  <  ج: ص:  >  >>