للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السادس والخمسون:]

* بابٌ لا يُسأل بوجه الله إلاَّ الجنة

ــ

هذا الباب عقده الشيخ رحمه الله في "كتاب التّوحيد" لأنّ تعظيم صفات الله سبحانه وتعالى من تعظيم الله، وتعظيمُها من التّوحيد، لأنه تعظيمٌ لله سبحانه وتعالى، وأمّا عدمُ تعظيمِها فإنّه تنقُّصٌ للتّوحيد، لأنّه تنقُّصٌ لله عزّ وجلّ.

"ووجهُ الله" صفةٌ من صفاتِه سبحانه وتعالى الذّاتيّة، تواتَرتْ بإثباتِه الأدلّة في كتاب الله وفي سنّة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأجمع عليه علماء السنّة والجماعة: قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ (٢٧) } فأثبت له وجهاً ووصفه بالجلال ووصفه بالإكرام.

كذلك قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ، فقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} مثل قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ (٢٧) } .

والسنّة: فيها أحاديث كثيرة في إثبات الوجه لله عزّ وجلّ، مثل الحديث الذي ساقَه المصنِّف: "لا يُسأل بوجه الله إلاَّ الجنة"، ومثل حديث: "أعوذُ بنور وجهك الذي أشرقت له الظُّلُمات، وصلح عليه أمرُ الدنيا والآخرة".

ومثل أحاديث في هذا الباب كثيرة، ذكرها علماء السنّة والمصنِّفون في العقائد، الذين يسوقون الآيات والأحاديث، مثل كتاب "التّوحيد" لابن خُزيمة و"كتاب السنّة" للآجري، وكتاب "السنة" لابن أبي عاصم، وغيرها من الكتب المؤلَّفة في التّوحيد، كلُّهم يذكُرون النُّصوص الدّالة على صفاتِ الله سبحانه وتعالى، الصّفات الذّاتية كالوجه واليدين، والصّفات الفعليّة كالاستواء والنُّزول إلى سماء الدُّنيا، وغير ذلك من صفات الأفعال.

فالوجه من الصّفات الذّاتيّة وهو أعظمُها، ولكن مع العلم واليقين والقطع بأنّ صفاتِ الله ليست كصفات خلْقِه، فالله له وجه والمخلوق له وجه، والله له يدان والمخلوق له يدان، والله جل وعلا له سمع وله بصر، والمخلوق له سمع وله بصر، ولكن صفات الله جل وعلا لائقةٌ به وبعظمتِه، وصفات المخلوقين تليقُ بهم وبخلقتهم، فلا تُشبه صفات المخلوقين صفات الخالق جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>