للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثالث والعشرون:]

*بابُ ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

ــ

قوله رحمه الله: "باب ما جاء" أي: من الأدلة في الكتاب والسنّة.

"أن بعض هذه الأمة" يعني: وليس كلها، فالأمة لا تجتمع على ضلالة- ولله الحمد-، بل يبقى فيها من يثبت على الحق، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله "، فهذه الأمة لا تضل كلها، وإنما يضل الكثير، ولكن يبقى من هذه الأمة من يثبت على الحق إلى أن تقوم الساعة. فهذا من فضل الله ورحمته.

ولهذا قال المصنف رحمه الله: "أن بعض هذه الأمة"، وهذا من دقة فقهه رحمه الله، وعدم تسرعه في الأحكام، بخلاف الذين يكفرون عوام الأمة كما عليه بعض الكتاب المعاصرين.

"يعبد الأوثان" أي: يشرك بالله عزّ وجلّ، والأوثان- كما سبق-: جمع وثن، والمراد به: كل ما عبد من دون الله من صنم، أو قبر، أو حجر، أو شجر، أو جن، أو إنس، كله يسمّى وثناً؛ فالوثن كل ما عبد من دون الله؛ مأخوذ من وثن بالمكان إذا ثبت وبقي فيه.

وقصد الشَّيخ رحمه الله من هذه الترجمة: الرد على من زعم أنه لا يقع في هذه الأمة شرك، وهم عباد القبور يقولون: هذا الذي نعمله ليس بشرك، لأن هذه الأمة لا يقع فيها شرك؟ وإنما هو من باب التوسل بالصالحين، أو محبة الصالحين، أو ما أشبه ذلك من الأعذار الباردة.

وهذه مقالة المشركين الأولين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} ، {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ} ، لكن هؤلاء- والعياذ بالله- يقرأون القرآن ولا يفقهون معناه، أو يعرفون معناه، ويغالطون ويكابرون تبعاً لهواهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>