للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الخامس والخمسون:]

* باب لا يُرد من سأل بالله

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومَن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإنْ لم تجدوا ما تكافئونَه فادعوا له حتى تُرَوا أنكم قد كافأتموه" رواه أبو داود والنسائيّ بإسناد صحيح.

ــ

قول الشيخ رحمه الله: "باب لا يُرد مَن سأل بِالله" لأنّ هذا فيه تعظيمٌ لله سبحانه وتعالى، وهو من كمال التّوحيد، أمّا إذا رُدّ السائل بالله ففيه إساءة في حقّ الله سبحانه وتعالى.

وفي ردّه نقصٌ في التّوحيد.

والسؤال بالله جائز، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} ومعنى {تَسَاءَلُونَ بِهِ} يعني: يسأل بعضُكم بعضاً بالله، وفي هذا الحديث: "مَن سأل بالله فأعطوه " فدلّ على جواز السّؤال بالله.

لكن من سُئل بالله لا يجوز له أن يردّ السائل إجلالاً لله سبحانه وتعالى.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن سأل بالله" كأن يقول: أسألُك بالله، وهذا معناه: الإقسام بالله عزّ وجلّ، كأنّه قال: والله لتُعطينِّي هذا الشيء، لأنّ الباء باء القسم، فإذا قال: أسألُك بالله أي: أُقسم عليك بالله لتعطينِّي كذا وكذا.

"فأعطوه" هذا أمرٌ من النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإعطاء مَن سأل بالله، وظاهرُه الوُجوب.

ولكن هذا فيه تفصيل؛ فإذا سأل بالله شيئاً له فيه حقّ كالذي يسأل من بيت المال؛ فكلّ مسلم له حقٌّ في بيت المال، فإذا سأل بالله وجب إعطاؤه، وكذلك إذا سألك مضطرٌ إلى شيء من طعام أو كسوة أو غير ذلك مضطراً، وأنت عندك فضل زائد عن حاجتك؛ فإنّه يجب عليك أن تُعطيه دفعاً لضرورته، وإنْ لم تعطه فقد عصيتَ الله.

وقد جاء في الحديث الذي سبق في قصّة الأعمى والأقرع والأبرص: أن الله غضب على اللذين سُئِلا في حالة ضرورة ولم يُعطيَا، فسؤال المضطّر والمحتاج من شيء فاضل عن حاجة المسؤول يجب بذلُه له، فإن لم يبذله فقد عصى الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>