للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتّى إنّه إذا كان مضطّراً فإنّه له الحق في أنْ يأخُذ من مال غيرِه ما يدفع ضرورته.

أما إذا سأل شيئاً ليس له فيه استحقاق، وهو ليس محتاجاً ولا مضطراً؛ فهذا يستحبّ للمسؤول أن يُعطيَه، فإن لم يعطِه في هذه الحالة الأخيرة يكون فاعلاً لمكروه، وإذا أعطاه كان فاعلاً لمستحبّ.

"ومن استعاذ بالله فأعيذوه" استعاذ: طلبَ العوذ، وهو: اللُّجوء.

فمن استعاذَ بالله عن شرك فإنّه يجب عليك أن تُعيذَه، ولا يجوز لك أن لا تُعيذَه.

"ومن دعاكم" أي: طلب منكم حضور مناسبة عنده؛ كأن دعاكم إلى حُضور طعام وليمة، فإنه يجب عليكم الإجابة، إلاّ إذا كان هُناك مانع، لأنّ هذا من حقّ الأُخوة.

وظاهرُ الحديث عامٌّ في كلّ دعوة، ولكن العلماء يقولون: إجابة الدعوة إنّما هي خاصّة بوليمة العُرس، أما ما عداها من الولائم فيستحبّ حُضورُها، أمّا وليمة العُرس فيجب حُضورُها لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شرُّ الطعام طعامُ الوليمة؛ يُدعى إليها الأغنياء ويُمنع منها الفقراء" وقال: "ومن لا يجب فقد عصى الله ورسولَه" الشَّاهدُ في قوله: "عصى الله ورسولَه"، فدلّ على وجوب الحُضور لولائم الزّواج.

وإن لم يحضُر من غير عُذر يكون آثِماً.

أمّا إذا كان هناك عُذر كأن يكون في الوليمة منكَر ولا يستطيع إزالة هذا المنكر فإنّه لا يحضُر، لأنّ هذا مانع من إجابة الدعوة؛ فإنْ كان يستطيع إزالته وجب عليه الحُضور، حتى إنّ الصائم يجب عليه الحُضور، ولكن إنْ كان صيامُه واجباً فإنّه يدعو وينصرِف، وإنْ كان صيامُه مستحباً فإنّه يخيّر بين أنْ يُفطِر ويأكُل أو يدعو وينصرف.

"ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه" يعني: مَن أحسن إليك بإحسان مالي أو عملي أو قولي.

والمعروف: ضدّ المنكر، والمراد به هنا: الخير، يعني: من أسدى إليك خيراً من مال أو جاه أو كلام طيِّب أو غير ذلك، فكلّ هذا من المعروف، فإنّه يجب عليك أن تكافئه، بمعنى: أن تفعل له من المعروف مثل ما عمِل لك، وتقابل إحسانه بالإحسان، وهذا من باب المكافأة من ناحية، وأيضاً فيه قطعٌ للمنّة من ناحية أُخرى، لأنك لو لم تكافئه بقيَ له منّة عليك، ورِقٌّ منك له.

<<  <  ج: ص:  >  >>