للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقلِّد الكفار، وهذا وقع كما أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتقليد الكفار الآن على قدم وساق، إلاَّ من رحم الله سبحانه وتعالى وهذا خبر معناه التحذير وليس مجرد خبر.

فهذا الحديث فيه التحذير من التَّشَبُّه بالمشركين والكفار في أفعالهم وعاداتهم الخاصة وتقاليدهم وطقوسهم.

أما الأمور المباحة فلا بأس بالأخذ بها، نأخذ من المشركين الخِبْرات المفيدة، نأخذ منهم البضائع، نأخذ منهم الأسلحة، هذه أمور كانت في الأصل لنا، يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، هذه المنافع في الأصل للمسلمين، ولكن لما تكاسل المسلمون أخذها أعداؤهم، فلا مانع أن المسلمين يأخذون بهذه الأشياء المفيدة، وليس هذا من التَّشَبُّه، إنما لتَّشَبُّه هو تقليدهم في الأمور التي لا فائدة منها ولا قيمة لها، أو الأمور التي تدخل في العبادة والعقيدة والدين.

قد يُقال: أنتم تحرمون التبرّك بالأشجار والأحجار والقبور، في حين أن الصحابة -رضي الله عنهم -كانوا يتبرّكون بريق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشعره ووضوئه، أليس هذا تبركاً بمخلوق.

فالجواب عن ذلك: أن هذا خاص بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما انفصل من جسده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه مبارك، فما انفصل من جسده من ريق، أو عرق، أو شعر، أو وضوء، فإنه يُتبرّك به، أما التبرّك بغير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا لم يَرِد حتى مع أفضل الأمة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والعشرة المبشرين بالجنة، وأصحاب بدر، وأصحاب بيعة الرضوان، ما ذُكر أن المسلمين كانوا يتبرّكون بهؤلاء، لا بريقهم، ولا بعرقهم، ولا بشعورهم.

فالتبرك لا يجوز؛ لا بالأشجار، ولا بالأحجار، ولا بالأشخاص، ولا بالحُجْرة النبوية، ولا بقبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كل هذا لا يجوز، لأن هذه أمور لم تكن منفصلة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليست من جسده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلابد أن نعرف الجواب عن هذه الشُّبَه، لأنهم يُدْلُون بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>