للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) } .

ــ

دعاء عبادة، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) } دعاء عبادة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، دعاء عبادة، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلى آخر السورة دعاء مسألة.

ولهذا يقول الله جل وعلا في الحديث القدسي: "قسمت الصلاة" يعني: الفاتحة، سماها صلاة لأنها دعاء "بيني وبين عبدي نصفين" لأن أولها دعاء عبادة الله، وآخرها دعاء مسألة، والعلاقة بين دعاء العبادة ودعاء المسألة: أن دعاء العبادة مُسْتَلْزِم لدعاء المسألة، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) } يلزم من هذا أنه يسأل الله سبحانه وتعالى، ودعاء المسألة متضمِّن لدعاء العبادة، بمعنى: أن دعاء العبادة داخل في دعاء المسألة، فالذي يسأل الله حوائجه يتضمّن سؤاله أنه يعبد الله بذلك.

قال: "وقول الله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) } "، والآية التي تليها: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧) } الآيتان من آخر سورة يونس.

يقول الله جل وعلا لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " {وَلا تَدْعُ} " هذا نهي من الله لنبيه عن دعاء غير الله، والخطاب الموجه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موجه إلى أمته، إلاَّ إذا دلّ دليل على اختصاصه به، فهذا النداء عام للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأمته، ولأنه إذا نُهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فغيره من باب أولى.

" {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ} " أي: غير الله.

" {مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} " " {مَا} " موصولة، أي: الذي لا ينفعك ولا يضرك، وذلك لأن المدعو إما أن يُطلب منه جلب خير، وإما أن يطلب منه دفع ضرر، وهذا إنما يختص بالله سبحانه وتعالى، فإنه هو الذي يقدر على دفع الضرر وجلب الخير، ودعاء الأموات وأصحاب القبور والأصنام والأوثان والأشجار والأحجار، لا يجلب خيراً ولا يدفع ضرراً. وكل ما يُدعى من دون الله فهو بهذه المثابة، لا ينفع ولا يضر،

<<  <  ج: ص:  >  >>