للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما ينزّله الله سبحانه وتعالى من الأمطار، والمطر لا يستغني عنه أحد لا أصحاب الحاضرة ولا أصحاب البادية، كلُّهم بحاجة إلى المطر، فإذا تأخّر المطر تضرّر النّاس، وإذا نزل المطر وأنزل الله فيه البركة انتفع النّاس وانتعشوا، فالأمطار فيها خيرٌ للعباد.

ولا يحبسها الله جل وعلا إلاّ بسبب الذنوب والمعاصي: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (١٦) } .

"فاستسق لنا ربك" وهذه عادة الصّحابة رضي الله عنهم، أنهم كانوا إذا تأخّر المطر أو أنحبس المطر طلبوا من النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستسقيَ لهم.

والاستسقاء هو: طلب السُّقيا.

والاستسقاء: سنّة قديمة فقد استسقى موسى- عليه الصلاة والسلام- لقومه، واستسقى سليمان لقومه، واستسقى نبيُّنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمّته، فالاستسقاء مشروع.

وذلك بأن يأتوا إلى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياتِه ويطلبوا منه أن يدعو الله لهم بنزول المطر، فالنّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجيبُهم إلى ذلك، تارةً يدعو وهو جالس بين أصحابه، وتارة يدعو في خطبة الجمعة بنزول المطر، وتارة يخرُج إلى المصلَّى في الصحراء فيصلَّي بالنّاس صلاة الاستسقاء، ثم يخطُب ويدعو الله سبحانه وتعالى ويسقيهم الله عزّ وجلّ.

وبعد وفاة النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يأتون إلى الخلفاء الراشدين: يأتون إلى عمر فيطلُبون منه أن يدعوَ الله لهم، وعر يطلب من العبّاس عمّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعوَ الله لقرابَتِه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كذلك المسلمون يطلُبون من علمائهم ووُلاة أمورهم ومن الصالحين منهم أن يدعو ربّهم بالسقيا، وهذه سنّة ثابتة.

فمجيء هذا الأعرابي إلى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلبه من الرّسول أن يستسقيَ لهم، أمرٌ معروف مستقرّ.

ولكن هذا الأعرابي لم يقتصر على ذلك بل قال: "فإننّا نستشفع بالله عليك" وهذه هي الكلمة المنكَرة، لأنه جعل الله شافعاً عند الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والشّافع أقلّ درجة من المشفوع عنده، فهذا تنقُّصٌ لله سبحانه وتعالى.

وقوله: "ونستشفع بك على الله" هذا أيضاً لا إنكار فيه في حياة النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>