للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سبحان الله، سبحان الله" فما زال يسبِّح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه.

ثم قال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ويحك!، أتدري ما الله؟!، إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يُستشفع بالله على أحد من خلقه" وذكر الحديث. رواه أبو داود.

ــ

لا بعد موته. ومعناه: طلب الدعاء من الرّسول لهم بالسقيا، كذلك طلب الدعاء من الصالحين الأحياء، لا بأس به.

ثم إنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزّه الله عن هذا التنقُّص وهذا الجهل الذي وقع من هذا الأعرابي في حقِّ الله، وقال: "سبحان الله! سبحان الله! " وهذه عادته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنّه كان إذا استنكر شيئاً يسبِّح، أو أعجبه شيء يسبِّح أو يكبِّر.

قوله: "حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابِه" لَمّا تأثَّر وغضب، غضبوا لغضب الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتأثّروا من تأثُّر الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وظهر ذلك على وجوههم رضي الله عنهم.

ثم قال: "ويحك! " (ويح) كلمة يُراد بها العِتاب، أو يراد بها الشَّفَقة أحياناً.

"أتدري ما الله؟ " هذا استنكار من النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبيان لجهل هذا الأعرابي في حق الله.

"شأنُ الله أعظم من ذلك، إنّه لا يستشفع بالله على أحدٍ من خلقه" لَمّا أنكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك ونزّه ربّه علّم هذا الجاهل ما يجب عليه من تعني الله.

فهذا الحديث فيه مسائل عظيمة:

المسألة الأولى: في الحديث دليل على مشروعيّة الاستسقاء عند تأخُّر المطر، فهو سُنّة ثابتة، وأن الطّلب من الصالحين الأحياء الحاضرين أن يدعو الله للمسلمين، لا بأس به، أمّا المِّيت فلا يُطلب منه شيء، لا شفاعة ولا دعاء.

والدليل على ذلك: أنّ الصّحابة رضي الله عنهم لَمّا تُوفّي الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكونوا يذهبون إلى قبره إذا أجدبوا أو احتاجوا إلى شيء، ما كانوا يذهبون إلى قبره مثل ما كانوا يأتونه وهو حيّ ويطلبون منه الدعاء، وإنّما عدلوا إلى العبّاس عمّه لأنّه حيٌّ موجود بينهم وطلبوا منه أن يدعو الله لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>