للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة مرفوعاً: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه" رواه مسلم.

ــ

إلى الله ونتوسّل إلى الله بأولياء وعبادٍ صالحين، فهذا ليس مثل عبادة الأصنام.

وهذا باطل، لأن الله يقول: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، وهو عام يشمل كلُّ من عبد مع الله، سواءً كان من الجن، أو من الإنس، أو من الملائكة، أو من الأنبياء والرسل، أو من الصالحين والأولياء، أو أيًّا كان، فالله لا يقبل أن يُشرك معه في عبادته أحد كائناً من كان، ولا تفريق في ذلك بين الأصنام وبين الأولياء والصالحين والأضرحة كله داخل في قوله تعالى: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} .

قال: "عن أبي هريرة مرفوعاً. قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه" رواه مسلم.

قوله: "قال الله تعالى" هذا حديث قدسي، والحديث القدسي: ما يرويه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربّه عزّ وجلّ، والقدسي: نسبة إلى القدْس، وهو التطهير والتنزيه، لأن الله مقدَّسٌ ومنزّهٌ عن صفات النقص.

والحديث القدسي: ما كان من كلام الله عزّ وجلّ لفظه ومعناه ورواه عنه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فالفرق بينه وبين الحديث النبوي:

أن الحديث القدسي: ما كان لفظه ومعناه مرويّاً عن الله سبحانه وتعالى.

وأما الحديث النبوي فهو: ما كان معناه من الله ولكن لفظه من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) } .

فقوله: "قال الله تعالى" هذا فيه إثبات أن الله يتكلّم كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى.

"أنا أغنى الشركاء عن الشرك" الله سبحانه وتعالى غنيٌّ عن عبادة خلقه، وإنما أمرهم بعبادته لمصلحتهم هم، لأنهم محتاجون إلى الله عزّ وجلّ ولا يقربهم من الله إلاَّ العبادة، فعبادتهم لله من أجل مصلحتهم، من أجل أن يغفر الله لهم، وأن يرزقهم، وأن يُدخلهم الجنة، فالمصلحة من عبادتهم عائدةٌ إليهم، أما الله سبحانه وتعالى فإنه لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضرُّه معصية العاصين، وإنما هو النافع الضار، ولهذا يقول سبحانه وتعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} ، ويقول سبحانه وتعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>