كان الاستقبال بالنسبة لما قبلها فقط فيجوز إضمار "أن" ونصب الفعل وجاز عدم إضمارها ويرتفع الفعل حينئذ، ويكثر هذا في حكاية الأَحداث الماضية مثل:{مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ} فاستقبال فعل يقول بالنسبة إلى الزلزال فقط لا بالنسبة إلى زمن التكلم، لأَن كلاً من القول والزلزال مضى. ولذلك قرئت "يقول" بالنصب على إضمار "أَنْ" وبالرفع على عدم الإضمار.
وإذا كان المضارع للحال ارتفع بعد حتى وجوباً: سافر الهندي حتى لا يرجعُ = فلا يرجع. فالجملة مستأْنفة و"حتى" هنا ابتدائية.
جـ- إضمار أن سماعاً:
لا يقاس إضمار "أَنْ" وبقاء عملها جوازاً ووجوباً إلا في المواضع السابقة التي بيناها، وقد وردت عن العرب جمل رويت أَفعالها منصوبة في غير ما تقدم، فتحفظ هذه الجمل كما رويت ولا يقاس عليها، فمما ورد:
"تسمع بالمعيديّ خير من أَن تراه"، "خذ اللص قبل يأْخذَك"، "مرْهُ يحفرَها". والأَصل وضع "أَن" فتقول: أَن تسمع، قبل أن يأْخذك. مره أَن يحفرها.
وقرئ بنصب "أَعبدَ" من الآية: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّها الْجاهِلُونَ} والقياس أَن يرتفع المضارع بعد سقوط "أَن" لكن الكوفيين أَرادوا قياس النصب، والأكثرون على أَنه سماعي.