للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وموازنة وترجيح، وإذا دار الأمر بين مقتضيات المعنى ومقتضيات الصناعة النحوية التزمت الأولى دون الثانية:

في تعليق إذا والظروف الشرطية قولان: قول الجمهور أن تعلق بفعل الشرط، وقول غيرهم بتعليقها بجواب الشرط؛ "إذا حضرت أكرمك" فالجمهور يجعل الظرف متعلقاً بـ"حضرت" وغيرهم يعلقه بـ"أكرم"، والمعنى ينص على أن الإكرام يقع عند الحضور، لا أن الحضور يقع عند الإكرام، وإذاً فقول الجمهور لا يؤيده المعنى، والصحيح تعليقه بجواب الشرط.

١٠- يفضل في كل مقام فيه إعرابان، الإعراب الذي لا يجنح إلى تقدير محذوف: في جملة المدح "نعم الرجلُ خالدٌ" يجعل البصريون "خالد" خبراً لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره "هو" أو "الممدوح" فيكون التركيب جملتين، جملة نعم الرجل، وجملة هو خالد.

أما الكوفيون فيجعلون "خالد" مبتدأ مؤخر وجملة "نعم الرجل" خبراً مقدماً من غير تقدير محذوف١. وهذا القول صواب لإغنائنا عن تقدير محذوف أولاً ولأن العرب تقول "خالد نعم الرجل" ثانياً.

١١- إذا ألجأت أحكام الصناعة إلى تقدير محذوف، قُبل هذا التقدير بشرطين:

١- ألا يلجئ إلى إخلال بالمعنى.

٢- وأن يسوغ التلفظ به دون ركة أو خروج عن الأسلوب العربي المشهور:

يجعلون لهمزة الاستفهام تمام الصدارة حتى على حروف العطف، فلا نقول: وأذهبت؟ كما نقول "وهل ذهبت؟ "، وإنما نقول "أو ذهبت؟ " لكن الزمخشري زعم في مثل قوله تعالى:

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أن الفاء العاطفة في صدر جملتها وأن الهمزة داخلة على جملة محذوفة وأن التقدير: أقعدوا فلم يسيروا٢.


١- الإنصاف في مسائل الخلاف.
٢- مغنى اللبيب ١/٨.

<<  <   >  >>