ولما كان العرب لا يسترقون؛ لأنه لا يقبل منهم إلا أن يسلموا أو يقتلوا كان التكافؤ في الحرية معتبرا في غيرهم فقط؛ لأنهم لا رق فيهم.
٥- الديانة:
المراد بها الصلاح والاستقامة، فإذا كانت الزوجة من بنات الأتقياء ذوي الاستقامة لا يكون الفاسق كفئا لها؛ لأنهم لتقواهم واستقامتهم يرون مصاهرة الفاسق عارا لهم، فلا يكون الفاسق كفئا لصالحة بنت صالح وإنما يكون كفئا لفاسقة بنت فاسق أو بنت صالح وهذا رأي الشيخين. وقال محمد: لا عبرة بالديانة والصلاح في الكفاءة؛ لأن الصلاح من أمور الآخرة التي بين المرء وربه, والكفاءة من الأحكام الدنيوية التي ترجع إلى علاقة الناس في الدنيا بعضهم ببعض، وكم من فاسق له بين الناس منزلة واعتبار ولا يعير أي تقي بمصاهرته، لكن إذا كان الفاسق وصل به فسقه إلى أن صار سخرية بين الناس يصفع ويضحك منه فهذا هو العار كله ولا يكون كفئا.
٦- المال:
ليس المراد بالتكافؤ بين الزوجين في المال أن يتساويا في الغنى ودرجة اليسار وإنما المراد أن يكون الزوج قادرا على مقدم صداقها والإنفاق عليها شهرا، فمن كان قادرا على ذلك يعتبر كفئا لها ماليا, ولو كانت ثروتها وثروة أبيها أضعاف ماله. أما من كان غير قادر على ذلك فهو ليس كفئا لها ماليا، وهذا قول أبي يوسف وعليه الفتوى؛ لأن الغنى لا ثبات له, والمال غاد ورائح فلا اعتبار في الكفاءة لكثرته وقلته، وقال الطرفان: إنما تتحقق الكفاءة في المال بعدم التفاوت البين بينهما في الغنى واليسار حتى إن الفائقة في اليسار لا يكافئها من لا يقدر إلا على المهر والنفقة الواجبة؛ لأن الناس يتفاخرون بغنى الصهر ويعيرون بفقره.
من له الحق في الكفاءة: قدمنا في مبحث الولاية على الزواج أن الحرة العاقلة البالغة إذا زوجت نفسها من غير كفء لها بغير رضا وليها العاصب قبل الزواج فزواجها غير صحيح مراعاة لحق وليها، وأن الولي -ما عدا الأب الذي